المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِي ٱلنَّارِ لَهُمۡ فِيهَا زَفِيرٞ وَشَهِيقٌ} (106)

قوله : { الذين شقوا } على بعض التأويلات في الاستثناء الذي في آخر الآية يراد به كل من يعذب من كافر وعاص - وعلى بعضها - كل من يخلد ، وذلك لا يكون إلا في الكفرة خاصة .

وال { زفير } : صوت شديد خاص بالمحزون أو الوجع أو المعذب ونحوه ، وال { شهيق } كذلك . كما يفعل الباكي الذي يصيح خلال بكائه ، وقال ابن عباس : «الزفير » : صوت حاد . و «الشهيق » صوت ثقيل ، وقال أبو العالية «الزفير » من الصدر و «الشهيق » من الحلق وقيل : بالعكس . وقال قتادة «الزفير » : أول صوت الحمار . و «الشهيق » : آخره{[6512]} . فصياح أهل النار كذلك . وقيل «الزفير » : مأخوذ من الزفر وهو الشدة ، و «الشهيق » : من قولهم : جبل شاهق أي عال . فهما - على هذا المعنى - واحد أو متقارب ، والظاهر ما قال أبو العالية : فإن الزفرة هي التي يعظم معها الصدر والجوف والشهقة هي الوقعة الأخيرة من الصوت المندفعة{[6513]} معها النفس أحياناً ، فقد يشهق المحتضر ويشهق المغشي عليه .


[6512]:- قال ذلك أيضا الضحاك ومقاتل، وتعبيرهما: الزفير مثل أول نهيق الحمار، والشهيق مثل آخره حين فرغ من صوته، قال العجاج: حشرج في الجوف سحيلا أو شهق حتى يقال نهاق وما نهق
[6513]:- هكذا في جميع الأصول. وهو نعت سببي والصواب أن يقال: المندفع معها النفس، إلا إذا تكلفنا وضبطنا الفاء بالسكون وأردنا النفس.