قوله تعالى : { قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل } ، يريدون أخا له من أمه ، يعني : يوسف . واختلفوا في السرقة التي وصفوا بها يوسف عليه السلام ، فقال سعيد بن جبير وقتادة : كان لجده ، أبي أمه ، صنم يعبده ، فأخذه سرا ، أو كسره وألقاه في الطريق لئلا يعبد . وقال مجاهد : إن يوسف جاءه سائل يوما ، فأخذ بيضة من البيت فناولها للسائل . وقال سفيان بن عيينة : أخذ دجاجة من الطير التي كانت في بيت يعقوب فأعطاها سائلا . وقال وهب : كان يخبأ الطعام من المائدة للفقراء . وذكر محمد بن إسحاق : أن يوسف كان عند عمته ابنة إسحاق ، بعد موت راحيل ، فحضنته عمته وأحبته حبا شديدا ، فلما ترعرع وقعت محبة يعقوب عليه ، فأتاها وقال : يا أختاه سلمي إلي يوسف ، فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة . قالت : لا والله ، فقال : والله ما أنا بتاركه ، فقالت : دعه عندي أياما أنظر إليه لعل ذلك يسليني عنه ، ففعل ذلك ، فعمدت إلى منطقة لإسحاق كانوا يتوارثونها بالكبر ، فكانت عندها لأنها كانت أكبر ولد إسحاق ، فحزمت المنطقة على يوسف تحت ثيابه وهو صغير ، ثم قالت : لقد فقدت منطقة إسحاق اكشفوا أهل البيت فكشفوا فوجدوها مع يوسف ، فقالت : والله إنه لسلم لي ، فقال يعقوب : إن كان فعل ذلك فهو سلم لك ، فأمسكته حتى ماتت ، فذلك الذي قال إخوة يوسف { إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل } . { فأسرها } ، أضمرها { يوسف في نفسه ولم يبدها لهم } ، وإنما أتت الكناية لأنه عين بها الكلمة ، وهي قوله : { قال أنتم شر مكاناً } ، ذكرها سرا في نفسه ولم يصرح بها ، يريد أنتم شر مكانا أي : منزلة عند الله ممن رميتموه بالسرقة في صنيعكم بيوسف ، لأنه لم يكن من يوسف سرقة حقيقة ، وخيانتكم حقيقة ، { والله أعلم بما تصفون } ، تقولون .
ثم حكى - سبحانه - ما قاله إخوة يوسف في أعقاب ثبوت تهمة السرقة على أخيه " بنيامين " فقال - تعالى - { قالوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ . . . }
أى : قال إخوة يوسف - عليه السلام - بعد هذا الموقف المحرج لهم . إن يسرق بنيامين هذا الصواع الخاص بالملك فقد سرق أخ له من قبل - وهو يوسف - ما يشبه ذلك .
وقولهم هذا يدل على أن صنيعهم بيوسف وأخيه ما زال متمكناً من نفوسهم .
وقد ذكر المفسرون هنا روايات متعددة في مرادهم بقولهم هذا ، ومن بين هذه الروايات ما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الآية : " سرق يوسف - عليه السلام - صنماً لجده وكان هذا الصنم من ذهب وفضه ، فكسره وألقاه في الطريق ، فعير إخوته بذلك " .
وقوله { فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً والله أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ } بيان لموقفه من مقالتهم ، والضمير في { فأسرها } يعود إلى تلك المقالة التي قالوها .
أى : سمع يوسف - عليه السلام - ما قاله إخوته في حقه وفى حق شقيقه فساءه ذلك ، ولكنه كظم غيظه ، ولم يظهر لهم تأثره مما قالوه وإنما رد عليهم بقوله : { قَالَ أَنْتُمْ } أيها الإخوة { شَرٌّ مَّكَاناً } أى : موضعاً ومنزلاً ممن نسبتموه إلى السرقة وهو برئ ، لأنكم أنتم الذين كذبتم على أبيكم وخدعتموه ، وقلتم له بعد أن ألقيتم أخاكم في الجب ، لقد أكله الذئب .
{ والله } - تعالى - { أَعْلَمْ } مننى ومنكم { بِمَا تَصِفُونَ } به غيركم من الأوصاف التي يخالفها الحق ، ولا يؤيدها الواقع .
ثم نعود إلى إخوة يوسف بعد هذا التعقيب القصير . نعود إليهم وقد حرك الحرج الذي يلاقونه كوامن حقدهم على أخي يوسف ، وعلى يوسف من قبله ، فإذا هم يتنصلون من نقيصة السرقة ، وينفونها عنهم ، ويلقونها على هذا الفرع من أبناء يعقوب :
( قالوا : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) !
إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل . . وتنطلق الروايات والتفاسير تبحث عن مصداق قولهم هذا في تعلات وحكايات وأساطير . كأنهم لم يكذبوا قبل ذلك على أبيهم في يوسف ؛ وكأنهم لا يمكن أن يكذبوا على عزيز مصر دفعا للتهمة التي تحرجهم ، وتبرؤا من يوسف وأخيه السارق ، وإرواء لحقدهم القديم على يوسف وأخيه !
( فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ) . .
أسر هذه الفعلة وحفظها في نفسه ، ولم يبد تأثره منها . وهو يعلم براءته وبراءة أخيه . إنما قال لهم :
يعني أنكم بهذا القذف شر مكانا عند الله من المقذوف - وهي حقيقة لا شتمة .
( والله أعلم بما تصفون ) . . وبحقيقة ما تقولون . وأراد بذلك قطع الجدل في الاتهام الذي أطلقوه ، ولا دخل له بالموضوع ! . .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُوَاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرّ مّكَاناً وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ } .
يقول تعالى ذكره : قالُوا إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ يعنون أخاه لأبيه وأمه وهو يوسف . كما :
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ليوسف .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : إنْ يَسْرِقْ فَقَدَ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ قال : يعني يوسف .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ قال : يوسف .
وقد اختلف أهل التأويل في السّرَق الذي وصفوا به يوسف فقال بعضهم : كان صنما لجده أبي أمه كسره وألقاه على الطريق . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أحمد بن عمرو البصري ، قال : حدثنا الفيض بن الفضل ، قال : حدثنا مسعر ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير : إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ قال : سرق يوسف صنما لجدّه أبي أمه كسره وألقاه في الطريق ، فكان إخوته يعيبونه بذلك .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ذكر أنه سرق صنما لجدّه أبي أمه ، فعيروه بذلك .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ : أرادوا بذلك عيب نبيّ الله يوسف ، وسرقته التي عابوه بها صنم كان لجدّه أبي أمه ، فأخذه ، إنما أراد نبيّ الله بذلك الخير ، فعابوه .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : إنْ يَسْرقْ فقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ قال : كانت أم يوسف أمرت يوسف يسرق صنما لخاله يعبده ، كانت مسلمة .
حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت أبي ، قال : كان بنو يعقوب على طعام ، اضطرّ يوسف إلى عَرْق فخبأه ، فعيروه بذلك إن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد أبي الحجاج ، قال : كان أول ما دخل على يوسف من البلاء فيما بلغني أن عمته ابنة إسحاق ، وكانت أكبر ولد إسحاق ، وكانت إليها منطقة إسحاق ، وكانوا يتوارثونها بالكَبر ، فكان من اختصّ بها ممن وليها كان له سَلَما لا ينازع فيه ، يصنع فيه ما شاء . وكان يعقوب حين ولد له يوسف ، كان قد حضنته عمته ، فكان معها وإليها ، فلم يحب أحد شيئا من الأشياء حبها إياه . حتى إذا ترعرع وبلغ سنوات ، ووقعت نفس يعقوب عليه ، أتاها فقال : يا أخية سلّمي إليّ يوسف ، فوالله ما أقدر على أن يغيب عني ساعة فقالت : والله ما أنا بتاركته ، والله ما أقدر أن يغيب عني ساعة قال : فوالله ما أنا بتاركه قالت : فدعه عندي أياما أنظر إليه وأسكن عنه ، لعل ذلك يسليني عنه أو كما قالت . فلما خرج من عندها يعقوب عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه ، ثم قالت : لقد فقدت منطقة إسحاق ، فانظروا من أخذها ومن أصابها فالتُمست ، ثم قالت : اكشفوا أهل البيت فكشفوهم ، فوجدوها مع يوسف ، فقالت : والله إنه لي لسلم أصنع فيه ما شئت . قال : وأتاها يعقوب فأخبرته الخبر ، فقال لها : أنت وذاك إن كان فعل ذلك فهو سلم لك ، ما أستطيع غير ذلك . فأمسكته فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت . قال : فهو الذي تقول إخوة يوسف حين صنع بأخيه ما صنع حين أخذه عليهم في أنفسهم تأنيبا له : إنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ . فلما سمعها يوسف قالَ أنْتُمْ شَرّ مَكانا سرّا في نفسه ولَمْ يُبْدِها لَهُمْ واللّهُ أعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ .
وقوله : فَأسَرّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ ولَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أنْتُمْ شَرّ مَكانا وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ يعني بقوله : «فأسرّها » : فأضمرها ، وقال : «فأسرّها » فأنث ، لأنه عنى بها الكلمة ، وهي : «أنتمّ شرّ مكانا ، والله أعلم بما تصفون » ، ولو كانت جاءت بالتذكير كان جائزا ، كما قيل : تِلْكَ مِنْ أنْباءِ الغَيْبِ و ذلكَ منْ أنْباءِ القُرَى ، وكني عن الكلمة ولم يجر لها ذكر متقدّم ، والعرب تفعل ذلك كثيرا ، إذا كان مفهوما المعنى المراد عند سامعي الكلام . وذلك نظير قول حاتم الطائي :
أماوِيّ ما يُغْنِي الثّرَاءُ عَنِ الفَتى *** إذَا حَشْرَجَتْ يَوْما وَضَاقَ بِها الصّدْرُ
يريد : وضاق بالنفس الصدر . فكني عنها ولم يجر لها ذكر ، إذ كان في قوله : «إذا حشرجت يوما » ، دلالة لسامع كلامه على مراده بقوله : «وضاق بها » . ومنه قول الله : ثُمّ إنّ رَبّكَ للّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إنّ رَبّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحيمٌ فقال : «من بعدها » ، ولم يجر قبل ذلك ذكر لاسم مؤنث .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : فَأسَرّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ ولَمْ يُبْدِها لَهُمْ أما الذي أسرّ في نفسه فقوله : أنْتُمْ شَرّ مَكانا وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : فَأسَرّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ ولَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أنْتُمْ شَرّ مَكانا وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ قال هذا القول .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : فَأسَرّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ ولَمْ يُبْدِها لَهُمْ يقول : أسرّ في نفسه قوله : أنْتُمْ شَرّ مَكانا وَاللّهُ أعْلَمُ بمَا تَصِفُونَ .
وقوله : وَاللّهُ أعْلَمُ بِما تَصِفُونَ يقول : والله أعلم بما تكذّبون فيما تصفون به أخاه بنيامين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : أنْتُمْ شَرّ مَكانا وَاللّهُ أعْلَمُ بِما تَصِفُونَ يقولون : يوسف يقوله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ : أي بما تكذبون .
فمعنى الكلام إذن : فأسرّها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم ، قال : أنتم شرّ عند الله منزلاً ممن وصفتموه بأنه سرق ، وأخبث مكانا بما سلف من أفعالكم ، والله عالم بكذبكم ، وأن جهله كثير ممن حضر من الناس .
وذُكر أن الصواع لما وُجد في رحل أخي يوسف تلاوم القوم بينهم ، كما :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، عن أسباط ، عن السديّ ، قال : لما استخرجت السرقة من رحل الغلام انقطعت ظهورهم ، وقالوا : يا بني راحيل ، ما يزال لنا منكم بلاء حتى أخذت هذا الصواع فقال بنيامين : بل بنو راحيل الذين لا يزال لهم منكم بلاء ، ذهبتم بأخي فأهلكتموه في البرية ، وضع هذا الصواع في رحلي الذي وضع الدراهم في رحالكم . فقالوا : لا تذكر الدراهم فنؤخذ بها . فلما دخلوا على يوسف دعا بالصواع ، فنقر فيه ، ثم أدناه من أذنه ، ثم قال : إن صواعي هذا ليخبرني أنكم كنتم اثني عشر رجلاً ، وأنكم انطلقتم بأخ لكم فبعتموه . فلما سمعها بنيامين ، قام فسجد ليوسف ، ثم قال : أيها الملك ، سل صواعك هذا عن أخي أحيّ هو ؟ فنقره ، ثم قال : هو حيّ ، وسوف تراه . قال : فاصنع بي ما شئت ، فإنه إن علم بي سوف يستنقذني . قال : فدخل يوسف فبكى ، ثم توضأ ، ثم خرج فقال بنيامين : أيها الملك إني أريد أن تضرب صواعك هذا فيخبرك بالحقّ ، فسله من سرقه فجعله في رحلي ؟ فنقره فقال : إن صواعي هذا غضبان ، وهو يقول : كيف تسألني عن صاحبي ، وقد رؤيت مع من كنت قال : وكان بنو يعقوب إذا غضبوا لم يطاقوا ، فغضب روبيل ، فقال : أيها الملك ، والله لتتركنا أو لأصيحنّ صيحة لا يبقى بمصر امرأة حامل إلاّ ألقت ما في بطنها وقامت كلّ شعرة في جسد روبيل ، فخرجت من ثيابه ، فقال يوسف لابنه : قم إلى جنب روبيل فمسّه وكان بنو يعقوب إذا غضب أحدهم فمسه الاَخر ذهب غضبه ، فمرّ الغلام إلى جنبه فمسه ، فذهب غضبه ، فقال روبيل : من هذا ؟ إن في هذا البلد لبزرا من بَزْر يعقوب . فقال يوسف : من يعقوب ؟ فغضب روبيل فقال : يا أيها الملك لا تذكر يعقوب ، فإنه سَرِيّ الله ، ابن ذبيح الله ، ابن خليل الله . قال يوسف : أنت إذن كنت صادقا .