جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{۞قَالُوٓاْ إِن يَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخٞ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفۡسِهِۦ وَلَمۡ يُبۡدِهَا لَهُمۡۚ قَالَ أَنتُمۡ شَرّٞ مَّكَانٗاۖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} (77)

{ قَالُواْ } أي : إخوته ، { إِن يَسْرِقْ } : بنيامين ، { فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ } أي : يوسف ، { مِن قَبْلُ } يعني لا عجب فإن هذا طريقتهم ونحن براء منها .

وأما وصفهم إياه بالسرقة فإنه كان لجده أبي أمه صنم يعبده فأخذه سرا وكسره أو كانت عمته تحضنه بعد وفاة أمه فلما ترعرع أراد يعقوب أن يكون معه ويأخذه من عمته وكانت لا تطيق فراقه فعمدت إلى منطقة هي لها ورثتها من إسحق فحزمتها{[2442]} على يوسف تحت ثيابه ثم قالت : فقدت المنطقة اكتشفوا أهل البيت ، فكشفوا فوجدوها مع يوسف وهو صغير فقالت : صار يوسف سلما لي فأمسكته ، فإن السارق يسترق لمن سرق منه كما مر ، وكان يأخذ من البيت للسائل أشياء فيعطيه ففطن به إخوته .

{ فأَسَرَّهَا {[2443]}يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ } ضمير أسرها كناية بشريطة التفسير يفسرها قوله ، { قَالَ أنتم شَرٌّ مَّكَانًا } يعني قال في نفسه : أنتم شر منزلة في السرقة : لأن خيانتكم حقيقة وأنث الضمير لأن المراد منه جملة وهي بدل من أسرها وهو المنقول عن ابن عباس رضي الله عنهما وقيل : الضمير للإجابة أو لنسبة السرقة ، { وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ{[2444]} } : في شأني من الرقة فإنه كذب وهذا أيضا من جملة ما أسر يوسف .


[2442]:أي: شدتها /12.
[2443]:ضمير أسرها إلى مثل الكراهة والحزازة التي دل عليها سياق الكلام / 12 وجيز.
[2444]:روى أنهم دخلوا على يوسف فقال روبيل: لتردن علينا أخانا أو لأصيحن صيحة لا تبقى بمصر امرأة حامل إلا ألقت ولدها وقامت كل شعرة في جسد روبيل فخرجت من ثيابه فقال يوسف، لابن له صغير: قم إلى جنب روبيل فمسه ويروى خذ بيده فأتني به فذهب الغلام فمسه فسكن غضبه فقال روبيل: إن هاهنا لبذرا من بذر يعقوب، فقال يوسف: من يعقوب؟ وروى أنه غضب ثانيا فقام إليه يوسف فركضه برجله وأخذ بتلابيبه فوقع على الأرض وقال: أنتم يا معشر العبرانيون تظنون أن لا أحد أشد منكم فلما ضار أمرهم إلى هذا ورأوا أن لا سبيل لهم إلى تخليصه خضعوا وذلوا وقالوا: "يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا" إلخ/ 12 معالم.