تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{۞قَالُوٓاْ إِن يَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخٞ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفۡسِهِۦ وَلَمۡ يُبۡدِهَا لَهُمۡۚ قَالَ أَنتُمۡ شَرّٞ مَّكَانٗاۖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} (77)

{ * قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون77 } .

المفردات :

شر مكانا : أسوأ مكانة ومنزلة .

والله أعلم بما تصفون : والله عالم أبلغ العلم بحقيقة ما تزعمون من صدور السرقة عن أخيه .

التفسير :

77 { قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل . . . } .

أي : قال إخوة يوسف غير الأشقاء ، عندما شاهدوا صواع الملك يستخرج من وعاء بنيامين : إننا برءاء من السرقة ؛ فوالدنا نبي وجدنا نبي ، أما إذا سرق بنيامين ؛ فهذا لأنه من أم أخرى غير أمنا ، وقد سرق أخ شقيق له من قبل . واختلف المفسرون في السرقة التي اتهموا يوسف بها .

جاء في تفسير أبي السعود :

{ قالوا إن يسرق } . يعنون بنيامين { فقد سرق أخ له من قبل } . يريدون به يوسف عليه السلام ، وما جرى عليه من جهة عمته على ما قيل من : أنها كانت تحضنه فلما شب ؛ أراد يعقوب عليه السلام انتزاعه منها ، وكانت لا تصبر عنه ساعة ، وكانت لها منطقة ورثتها من أبيها إسحاق عليه السلام ؛ فاحتالت لاستبقاء يوسف عليه السلام ، فعمدت إلى المنطقة فحزمتها عليه من تحت ثيابه ، ثم قالت : فقدت منطقة إسحاق عليه السلام ، فانظروا من أخذها فوجدوها محزومة على يوسف ، فقالت : إنه لي سلم ، أفعل به ما أشاء ، فخلاه يعقوب عليه السلام عندها حتى ماتت .

وقيل : كان أخذ في صباه صنما لأبي أمه فكسره وألقاه في الجيف ، وقيل : دخل كنيسة فأخذ تمثالا صغيرا من ذهب كانوا يعبدونه فدفنه . ا . ه35 .

{ فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا . . . } .

أي : فأخفى يوسف في نفسه هذه الفرية التي افتروها عليه ، ولم يظهرها لهم أنها فرية ؛ كتمانا لأمره ، مع أنه سمع من إخوته وعرف أنه هو المقصود بنسبة السرقة إليه ، فيوسف لم يسرق حقا ، وإنما سرّق ثم قال يوسف في نفسه عن إخوته : { أنتم شر مكانا } . أنتم أسوأ موضعا ومنزلا ، ممن نسبتموه إلى السرقة وهو برئ ؛ فأنتم الذين ألقيتم يوسف في الجب ؛ وأنتم أشبه بمن سرقني من أبي ، ثم عاد إليه ، فادعى : أن الذئب قد أكله كذبا وبهتانا .

{ والله أعلم بما تصفون } .

أي : الله أعلم مني ومنكم { بما تصفون } به غيركم من الأوصاف التي يخالفها الحق ، ولا يؤيدها الواقع .