الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞قَالُوٓاْ إِن يَسۡرِقۡ فَقَدۡ سَرَقَ أَخٞ لَّهُۥ مِن قَبۡلُۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفۡسِهِۦ وَلَمۡ يُبۡدِهَا لَهُمۡۚ قَالَ أَنتُمۡ شَرّٞ مَّكَانٗاۖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} (77)

قوله : { قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل }- إلى قوله – { خير الحاكمين }[ 77-80 ] يعنون بقولهم { أخ له } : يوسف{[34880]} .

قال مجاهد : كان يوسف صلى الله عليه وسلم سرق صنما لجده ، أبي{[34881]} أمه ، فكسره ، وألقاه{[34882]} في الطريق . فعابه إخوته{[34883]} بذلك . وإنما أراد يوسف بكسره ، وأخذه الخير{[34884]} : فليس ذلك بسرق{[34885]} ، بل هو مَحْضُ{[34886]} الدين والعبادة ، وإنكار{[34887]} المنكر .

وقال ابن جريج : كانت أم يوسف مسلمة{[34888]} ، فأمرته أن يسرق صنما لخاله{[34889]} ، كان يعبده{[34890]} .

وروي عن مجاهد أن عمة يوسف{[34891]} بنت إسحاق ، وكانت أكبر من يعقوب{[34892]} صارت إليها منطقة إسحاق{[34893]} لسنها : لأنهم / كانوا يتوارثونها بالسن . وكان من سرقها استملك . وكانت عمة يوسف قد حضنته ، وأحبته حبا شديدا{[34894]} فلما ترعرع{[34895]} .

قال لها يعقوب{[34896]} : سلمي يوسف إلي فلست أقدر أن يغيب عني{[34897]} ساعة . قالت له : ( دعه عندي ){[34898]} أياما أنظر إليه لعلي{[34899]} أتسلى عنه . فلما خرج من عندها يعقوب{[34900]} عمدت إلى منطقة إسحاق فحزمتها على يوسف من تحت ثيابه ، ثم قالت : لقد فقدت منطقة إسحاق{[34901]} ؟ فانظروا من أخذها ، ومن أصابها{[34902]} فالتُمست{[34903]} ثم قالت : اكشفوا أهل البيت ، فكشفوا ، فوجدت مع يوسف ، فقالت : والله إنه لي لم أصنع فيه ما شئت . ثم أتاها يعقوب{[34904]} فأخبرته الخبر ، فقال ( لها ){[34905]} : أنت وذاك إن كان فعلى ( ذلك ){[34906]} ، فهو سلم لك ، فأمسكته{[34907]} حتى ماتت . فبذلك عَيَّره إخوته{[34908]} .

ومعنى الآية أنه على الحكاية ، أي قالوا : إن يسرق فقد ( قيل ){[34909]} سرق أخ لهم من قبل . إنما حكوا ما قد كان قبل ، لم يقطعوا بالسرقة عليه . هذا أحسن ما تأوله العلماء ، والله أعلم بذلك .

والضمير في قوله : { فأسرها } : إضمار ، قبل الذكر ( قد ){[34910]} فسره الله عز وجل{[34911]} لنا أن الذي أسره{[34912]} قوله : { أنتم شر مكانا } – إلى قوله{[34913]}{ تصفون }[ 77 ] ( أي ){[34914]} أضمر هذا في نفسه{[34915]} .

وقيل : أسر في نفسه المجازاة لهم على قولهم ، ولم يرد أن يبين{[34916]} عذره في ذلك{[34917]} . وقيل : أسر في نفسه قولهم : { فقد سرق أخ له من قبل } ولم يرد أن يدفعه{[34918]} ويراجعهم{[34919]} عليه . بل كتم قولهم له وصبر .

قوله : { والله أعلم بما تصفون }[ 77 ] : أي : ( من ){[34920]} قولكم : هل هو حق أو كذب .


[34880]:انظر: هذا التفسير معزوا إلى مجاهد في: تفسيره 194، وفي جامع البيان 16/195، ولم ينسبه الزجاج في معانيه 3/123.
[34881]:ق: أي.
[34882]:ق: فألقاه.
[34883]:ط: فعببه أخواته.
[34884]:وهو قول قتادةـ، وابن جبير، في: جامع البين 16/195، ولم ينسبه في غريب القرآن 120 ومعاني الزجاج 3/133.
[34885]:ط: بالسرق.
[34886]:ق: محصن.
[34887]:ق: وإنكاره.
[34888]:ق: معلمه.
[34889]:ق: الخالة كانت تعبده. ط: خاله كان يعبده.
[34890]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/196.
[34891]:ط: صم.
[34892]:ط: صم.
[34893]:ط:صم.
[34894]:سديدا.
[34895]:ط: تزعزع.
[34896]:ط: صم.
[34897]:ط: عن عيني.
[34898]:ما بين القوسين ساقط من ط.
[34899]:ط: مطموس.
[34900]:ط:صم.
[34901]:انظر المصدر السابق.
[34902]:ط: صم.
[34903]:ساقط من ق.
[34904]:ط: صم.
[34905]:ساقط من ق.
[34906]:انظر المصدر السابق.
[34907]:ق: فأمسكته قبل.
[34908]:انظر هذا الخبر في: جامع البيان 16+/196-197. وإعراب النحاس 2/240، والجامع 9/156.
[34909]:ساقط من ق.
[34910]:انظر المصدر السابق.
[34911]:ساقط من ق.
[34912]:ط: أسر.
[34913]:ساقط من ق.
[34914]:انظر المصدر السابق.
[34915]:ساقط من ط.
[34916]:وهو قول قتادة، وابن عباس في: جامع البيان 16/199.
[34917]:انظر المحرر: 9/349.
[34918]:ط: يزيفه.
[34919]:ق: يواددهم.
[34920]:ساقط من ق.