قوله تعالى : { فَقَدْ سَرَقَ } : الجمهور على " سَرَق " مخففاً مبيناً للفاعل . وقرأ أحمد بن جبير الأنطاكي وابن أبي شريح عن الكسائي والوليد بن حسان عن يعقوب في آخرين " سُرِّق " مشدداً مبنياً للمفعول أي : نُسِب إلى السَّرِقة . وفي التفسير : أنَّ عَمَّته رَبَّتْه فأخذه أبوه منها ، فَشَدَّت في وَسَطِه مِنْطَقَة كانوا يتوارثونها من إبراهيم عليه السلام ففتَّشوا فوجدوها تحت ثيابه . فقال : هو لي فَأَخَذَتْه كما في شريعتهم ، وهذه القراءةُ منطبقة على هذا .
قوله : { فَأَسَرَّهَا } الضميرُ المنصوبُ مفسَّر بسياق الكلام أي : فَأَسَرَّ الحزازة التي حَصَلَتْ له مِنْ قولهم { فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ } كقول الشاعر :
2814 أما وِيَّ ما يُغْني الثَّراء عن الفتى *** إذا حَشْرَجَتْ يوماً وضاق بها الصدرُ
والضمير في " حَشْرَجَتْ " يعود على النفس ، كذا ذكره الشيخ ، وقد جعل البيتَ مِمَّا فُسِّر فيه الضميرُ بذِكْر ما هو كلٌّ لصاحب الضمير ، فلا يكون مما فُسِّر فيه بالسياق . ولتحقيق هذا موضعٌ آخرُ .
وقال الزمخشري : " إضمارٌ على شريطة التفسير ، تفسيره { أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } ، وإنما أنَّثَ لأنَّ قولَه " شَرٌ مكاناً " جملة أو كلمةٌ على تسميتهم الطائفة من الكلام كلمة ، كأنه قيل : فَأَسَرَّ الجملةَ أو الكلمةَ التي هي قولُه : { أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } ، لأنَّ قولَه : { قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً } بدلٌ مِنْ أَسَرَّها " . قلت : وهذا عندَ مَنْ يُبْدل الظاهرَ من المضمر في غير المرفوع نحو : ضربته زيداً ، والصحيح وقوعه ، كقوله :
2815 فلا تَلُمْهُ أن يَخافَ البائسا ***
وقرأ عبد اللَّه وابن أبي عبلة : " فَأَسَرَّه " بالتذكير . قال الزمخشري : " يريد القول أو الكلام " . وقال أبو البقاء : " المضمر يعود إلى نِسْبتهم إياه إلى السَّرقة ، وقد دَلَّ عليه الكلامُ ، وقيل : في الكلام تقديمٌ وتأخيرٌ تقديرهُ : قال في نفسه : أنتم شرٌّ مكاناً ، وأَسَرَّها أيْ هذه الكلمةَ " . قلت : ومِثْلُ هذا يَنْبغي أن لا يُقال : فإنَّ القرآنَ يُنَزَّهُ عنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.