معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ} (59)

قوله تعالى : { ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله } ، أي : قنعوا بما قسم لهم الله ورسوله { وقالوا حسبنا الله } ، كافينا الله ، { سيؤتينا الله من فضله ورسوله } ، ما نحتاج إليه { إنا إلى الله راغبون } ، في أن يوسع علينا من فضله ، فيغنينا عن الصدقة وغيرها من أموال الناس . وجواب { لو } محذوف أي : لكان خيرا لهم وأعود عليهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ} (59)

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ} (59)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَوْ أَنّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنّآ إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولو أن هؤلاء الذين يلمزونك يا محمد في الصدقات رضوا ما أعطاهم الله ورسوله من عطاء وقسم لهم من قسم ، وَقالُوا حَسْبُنا اللّهُ يقول : وقالوا : كافينا الله ، سَيُؤْتِينا اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ يقول : سيعطينا الله من فضل خزائنه ورسوله من الصدقة وغيرها ، إنّا إلى اللّهِ رَاغِبُونَ يقول : وقالوا : إنا إلى الله نرغب في أن يوسع علينا من فضله ، فيغنينا عن الصدقة وغيرها من صلات الناس والحاجة إليهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ} (59)

جملة معطوفة على جملة : { ومنهم من يلمزك في الصدقات } [ التوبة : 58 ] باعتبار ما تفرّع عليها من قوله : { فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون } [ التوبة : 58 ] عطفاً ينبىء عن الحالة المحمودة ، بعد ذكر الحالة المذمومة .

وجواب { لو } محذوف دلّ عليه المعطوف عليه ، وتقديره : لكان ذلك خيراً لهم .

والإيتاء : الإعطاء ، وحقيقته إعطاء الذوات ويطلق مجازاً على تعيين المواهب كما في { وآتاه الله الملك والحكمة } [ البقرة : 251 ] وفي { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء } [ المائدة : 54 ] .

وقوله : { ما آتاهم الله } من هذا القبيل ، أي ما عيّنه لهم ، أي لِجماعتهم من الصدقات بنوطها بأوصاف تحقّقت فيهم كقوله : { إنما الصدقات للفقراء } [ التوبة : 60 ] الآية .

وإيتاء الرسول صلى الله عليه وسلم إعطاؤه المال لمن يرى أن يعطيه ممّا جعل الله له التصرّف فيه ، مثل النفَل في المغانم ، والسلَب ، والجوائز ، والصلات ، ونحو ذلك ، ومنه إعطاؤه من جعل الله لهم الحقّ في الصدقات .

ويجوز أن يكون إيتاء الله عين إيتاء الرسول عليه الصلاة والسلام وإنّما ذكر إيتاء الله للإشارة إلى أنّ ما عينه لهم الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما عيّنه الله لهم ، كما في قوله : { سيؤتينا الله من فضله ورسوله } أي ما أوحى الله به إلى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم وقوله : { قل الأنفال لله والرسول } [ الأنفال : 1 ] .

وحسب : اسم بمعنى الكافي ، والكفاية تستعمل بمعنى الاجتزاء ، وتستعمل بمعنى ولي مهمّ المكفي ، كما في قوله تعالى : { وقالوا حسبنا الله } وهي هنا من المعنى الأول .

ورضي إذا تعدّى إلى المفعول دلّ على اختيارِ المرضيّ ، وإذا عدّي بالباء دلّ على أنّه صار راضياً بسبب ما دخلت عليه الباء ، كقوله : { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة } [ التوبة : 38 ] . وإذا عدّي ب ( عن ) فمعناه أنّه تجاوز عن تقصيره أو عن ذنبه { فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } [ التوبة : 96 ] .

فالقول هنا مراد به الكلام مع الاعتقاد ، فهو كناية عن اللازم مع جواز إرادة الملزوم ، فإذا أضمروا ذلك في أنفسهم فذلك من الحالة الممدوحة ولكن لمّا وقع هذا الكلام في مقابلة حكاية اللَّمز في الصدقات ، واللَّمز يكون بالكلام دلالة على الكراهية ، جعل ما يدلّ على الرضا من الكلام كناية عن الرضى .

وجملة { سيؤتينا الله من فضله ورسوله } بيان لجملة { حسبنا الله } لأنّ كفاية المهمّ تقتضي تعهّد المكفي بالعوائد ودفع الحاجة ، والإيتاءُ فيه بمعنى إعطاء الذوات .

والفضل زيادة الخير والمنافع { إن الله لذو فضل على الناس } [ غافر : 61 ] والفضل هنا المعطَى : من إطلاق المصدر وإرادة المفعول ، بقرينة من التبعيضية ، ولو جعلت { من } ابتدائية لصحّت إرادة معنى المصدر .

وجملة { إنا إلى الله راغبون } تعليل . أي لأنّنا راغبون فضله .

وتقديم المجرور لإفادة القصر ، أي إلى الله راغبون لا إلى غيره ، والكلام على حذف مضاف ، تقديره : إنّا راغبون إلى ما عيّنه الله لنا لا نطلب إعطاء ما ليس من حقّنا .

والرغبة الطلب بتأدب .