فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ} (59)

{ ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله } أي ما فرضه الله لهم وقسمه وما أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقات ، وقيل ذكر الله للتعظيم والتنبيه على أن ما فعله الرسول كان بأمره تعالى ، والأصل ما آتاهم الرسول ، وجواب لو محذوف أي لكان خيرا لهم ، فإن فيما أعطاهم الخير العاجل والآجل .

{ وقالوا } عند أن أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو لهم { حسبنا } أي كفانا { الله سيؤتينا } أي سيعطينا { الله من فضه و } يعطينا { رسوله } بعد هذا ما نرجوه ونؤمله { إنا إلى الله راغبون } فهاتان الجملتان كالشرح لقولهم { حسبنا الله } فلذلك لم يتعاطفا لأنهما كالشيء الواحد ، فشدة الاتصال منعت العطف . قاله الكرخي .

وقد أخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسما إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التيمي فقال : اعدل يا رسول الله ، فقال : ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل ، فقال عمر بن الخطاب : ائذن لي فأضرب عنقه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم من الرمية ) {[899]} الحديث حتى قال : وفيهم نزلت هذه الآية .

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين سمعت رجلا يقول : إن هذه القسمة ما أريد بها الله ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وذكرت ذلك له فقال : ( رحمة الله على موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر ) ونزل يعني هذه الآية .


[899]:- البخاري، كتاب المغازي، باب 61.