تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ رَضُواْ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤۡتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَرَسُولُهُۥٓ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَٰغِبُونَ} (59)

المفردات :

حسبنا الله : أي : كافينا .

59 – { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ } .

ترشد الآية إلى أدي عظيم لهؤلاء وغيرهم ، يتمثل هذا الأدب في الرضا والقناعة ، فطالب الدنيا وحدها إذا لم يكن قنوعا راضيا ؛ ربما جرّه ذلك إلى النفاق .

وقد اشتملت الآية على مراتب أربع :

1 – الرضا بما آتاهم الله ورسوله ؛ لأنه سبحانه حكيم منزه عن البعث ، والرسول صلى الله عليه وسلم أمين صادق عادل .

2 – أن تظهر آثار الرضا على اللسان وهو قوله : { حسبنا الله } . أي : الرضا بحكم الله وقضائه .

3 – الأمل في فضل الله وعوضه فيقول : { سيؤتينا الله من فضله ورسوله } . إما في الدنيا ، وإما في الآخرة .

4 – أن يقول : { إنا إلى الله راغبون } . أي : لا نبغي بالإيمان مكاسب الدنيا من مال وجاه ؛ وإنما نريد الفوز بسعادة الآخرة .

فالآية ترسم طريقا سليما ، وتذكر سلوكا عمليا يعتمد على الرضا والقناعة ، واليقين بما عند الله ، والأمل في المستقبل ، وأن رزق الله لا ينفذ ، ثم الرغبة المستمرة في فضل الله وعطائه ونعمائه ، التي لا تعد ولا تحصى .

وجواب لو . في الآية محذوف ، والتقدير : ولو أنهم فعلوا ذلك لكان خيرا لهم .

وفي تفسير الفخر الرازي ، نجد أن هذه الآية منهج عملي في تعليم القناعة والرضا وحسن الأمل .

قال الإمام الرازي :

والآية تدل على أن من طلب الدنيا بطمع وشراهة ؛ آل أمره في الدين إلى النفاق .

وأما من طلب الدنيا بتوسط ، وبغرض التوصل إلى مصالح الدين ؛ فهذا هو الطريق الحق . والأصل في هذا الباب أن يكون راضيا بقضاء الله . اه .