معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{ثُمَّ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا تَتۡرَاۖ كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةٗ رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُۖ فَأَتۡبَعۡنَا بَعۡضَهُم بَعۡضٗا وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَۚ فَبُعۡدٗا لِّقَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ} (44)

قوله تعالى : { ثم أرسلنا رسلنا تترا } أي : مترادفين يتبع بعضهم بعضاً غير متواصلين ، لأن بين كل نبيين زماناً طويلاً ، وهي فعلى من المواترة ، قال الأصمعي : يقال واترت الخبر أي أتبعت بعضه بعضاً ، وبين الخبرين مهلة .

واختلف القراء فيه ، فقرأ ابو جعفر ، و ابن كثير ، وأبو عمرو : بالتنوين ، ويعقوب بالألف ، ولا يميله أبو عمرو ، وفي الوقف فيها كالألف في قولهم : رأيت زيداً ، وقرأ الباقون بلا تنوين ، والوقف عندهم يكون بالياء ، ويميله حمزة و الكسائي ، وهو مثل قولهم : غضبى وسكرى ، وهو اسم جمع مثل شتى ، وعلى القراءتين التاء الأولى بدل من الواو ، وأصله : وترى من المواترة والتواتر ، فجعلت الواو تاء ، مثل : التقوى والتكلان . { كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا } بالهلاك ، أي : أهلكنا بعضهم في إثر بعض ، { وجعلناهم أحاديث } أي : سمراً وقصصاً ، يتحدث من بعدهم بأمرهم وشأنهم ، وهي جمع أحدوثة : وقيل : جمع حديث . قال الأخفش : إنما هو في الشر ، وأما في الخير فلا يقال جعلتهم أحاديث وأحدوثة ، إنما يقال صار فلان حديثاً . { { فبعداً لقوم لا يؤمنون* }