معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{سَيَقُولُ ٱلۡمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقۡتُمۡ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأۡخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعۡكُمۡۖ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَٰمَ ٱللَّهِۚ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمۡ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبۡلُۖ فَسَيَقُولُونَ بَلۡ تَحۡسُدُونَنَاۚ بَلۡ كَانُواْ لَا يَفۡقَهُونَ إِلَّا قَلِيلٗا} (15)

قوله تعالى : { ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكافرين سعيرا* ولله الملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما* سيقول المخلفون } يعني هؤلاء الذين تخلفوا عن الحديبية ، { إذا انطلقتم } سرتم وذهبتم أيها المؤمنون { إلى مغانم لتأخذوها } يعني غنائم خيبر ، { ذرونا نتبعكم } إلى خيبر لنشهد معكم قتال أهلها ، وذلك أنهم لما انصرفوا من الحديبية وعدهم الله فتح خيبر وجعل غنائمهما لمن شهد الحديبية خاصة عوضاً عن غنائم أهل مكة إذا انصرفوا عنهم على صلح ولم يصيبوا منهم شيئاً . قال الله تعالى : { يريدون أن يبدلوا كلام الله } قرأ حمزة والكسائي : ( كلم الله ) بغير ألف جمع كلمة ، وقرأ الآخرون : ( كلام الله ) ، يريدون أن يغيروا مواعيد الله تعالى لأهل الحديبية بغنيمة خيبر خاصة . وقال مقاتل : يعني أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن لا يسير معه منهم أحد . وقال ابن زيد : هو قول الله عز وجل : { فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً } ( التوبة-83 ) ، والأول أصوب ، وعليه عامة أهل التأويل . { قل لن تتبعونا } إلى خيبر ، { كذلكم قال الله من قبل } أي : من قبل مرجعنا إليكم إن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب ، { فسيقولون بل تحسدوننا } أي : يمنعكم الحسد من أن نصيب معكم الغنائم ، { بل كانوا لا يفقهون } لا يعلمون عن الله ما لهم وعليهم من الدين ، { إلا قليلاً } منهم وهو من صدق الله والرسول .