أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِتَلۡفِتَنَا عَمَّا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا نَحۡنُ لَكُمَا بِمُؤۡمِنِينَ} (78)

{ قالوا أجئتنا لتلفتنا } لتصرفنا واللفت والفتل أخوان . { عما وجدنا عليه آباءنا } من عبادة الأصنام . { وتكون لكما الكبرياء في الأرض } الملك فيها سمي بها لاتصاف الملوك بالكبر ، أو التكبر على الناس باستتباعهم . { وما نحن لكما بمؤمنين } بمصدقين فيما جئتما به .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِتَلۡفِتَنَا عَمَّا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا نَحۡنُ لَكُمَا بِمُؤۡمِنِينَ} (78)

وقوله تعالى : { قالوا أجئتنا } الآية ، المعنى قال قوم فرعون لموسى : أجئتنا لتصرفنا وتلوينا وتردنا عن دين آبائنا ، ويقال لفت الرجل عن الآخر إذا لواه ، ومنه قولهم : التفت فإنه افتعل من لفت عنقه ، ومنه قول رؤبة : [ الرجز ]

لفتاً وتهزيعاً سواء اللفت . . {[6189]}

وقرأ السبعة سوى أبي عمرو فإنه اختلف عنه «وتكون » بالتاء من فوق وهي قراءة جمهور الناس ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن فيما زعم خارجة وإسماعيل ، «ويكون » بالياء من تحت ورويت عن أبي عمرو وعن عاصم وهي قراءة ابن مسعود ، و { الكبرياء } : مصدر مبالغ من الكبر ، والمراد به في هذا الموضع الملك ، وكذلك قال فيه مجاهد والضحاك وأكثر المتأولين ، لأنه أعظم تكبر الدنيا ، ومنه قول الشاعر [ ابن الرقاع ] : [ الخفيف ]

مؤددا غير فاحش لا تداني*** ه تجبارة ولا كبرياء{[6190]}

وقوله { بمؤمنين } بمصدقين .


[6189]:- هذا بيت لرؤبة قاله ضمن قصيدة عن نفسه جاء في مطلعها: يا بنت عمرو لا تسبي بنتي حسبك إحسانك إن أحسنت وبعده يقول:........................... وطامح النخوة مستكت واللَّفت: اللّيّ، يقال: لفته يلفته لفتا إذا لواه وصرفه، والتهزيع: التكسير أو دقّ العنق، وسواء اللفت: سوى اللفت. يقول: التهزيع غير اللفت. ومن اللفت قول شاعر: تلفت نحو الحي حتى رأيتني وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا.
[6190]:- السؤدد: المجد والشرف والسيادة، غير فاحش: ليس فيه بغي ولا تجبر ولا عدوان ولا تخالطه الكبرياء، والتّجبار: مصدر بمعنى الجبر والقهر، والكبرياء بوزن فعلياء هي العظمة إذا كانت وصفا لله سبحانه، فإذا كانت وصفا للمخلوقين فهي التكبر والاستعلاء على الناس مع الظلم لهم.