الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِتَلۡفِتَنَا عَمَّا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا نَحۡنُ لَكُمَا بِمُؤۡمِنِينَ} (78)

وقولهم : { لِتَلْفِتَنَا } [ يونس : 78 ] أي : لتصرفنا وتلوينا وتَرُدَّنا عن دين آبائنا ، يقال : لفتَ الرَّجُلُ عُنُقَ الآخَرِ ؛ إِذا أَلواه ، ومنه قولهم : التفت ؛ فَإِنَّهُ افتعل مِنْ لَفَتَ عُنُقَهُ إِذَا أَلواه ، و{ الكبرياء } : مصْدَر من الكِبْرِ ، والمراد به في هذا الموضع المُلْك ؛ قاله أكثر المتأوِّلين ؛ لأنه أعظم تَكَبُّرِ الدنيا ، وقرأ أبو عَمْرٍو وحده : «به آلسِّحْرُ » بهمزةِ استفهام ممدودةٍ ، وفي قراءة أُبيٍّ : «مَا أَتَيْتُمْ بِهِ سِحْرٌ » ، والتعريف هنا في السِّحْرِ أَرْتَبُ ؛ لأنه تقدَّم منكَّراً في قولهم : { إِنَّ هذا لَسَحِرٌ } ، فجاء هنا بلامِ العَهْدِ .

قال ( ص ) : ( قال الفَّرَّاء : إِنما قال : «السِّحْر » ب «أَلْ » ، لأن النكرة إِذا أُعيدَتْ ، أُعيدَتْ ب«أَلْ » ) ، وتبعه ابن عطية ، ورُدَّ بأن شرط ما ذكراه اتحاد مدلول النكرةِ المُعَادة ؛ كقوله تعالى : { كَمَا أَرْسَلْنَا إلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فعصى فِرْعَوْنُ الرسول } [ المزمل : 15 ، 16 ] وهنا السِّحْر المنكَّر هو ما أتَى به موسَى ، والمعروفُ ما أتَوا به هُمْ ، فاختلف مدلولُهما ، والاستفهام هنا : على سبيل التحقِيرِ . انتهى . وهو حَسَن .