التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيۡهِمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ فِيهَا وَهُمۡ فِيهَا لَا يُبۡخَسُونَ} (15)

قوله تعالى { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يُبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون } .

هذه الآية مطلقة وقد قيدتها آية أخرى كما في قوله تعالى { من كان يريد العاجلة عجلنا فيها ما نشاء لمن نريد } الإسراء آية : 18 . فقيد الأمر في هذه الآية تقييدين :

أحدهما : تقييد المعجل بمشيئته تعالى .

والثاني : تقييد المعجل له بإرادته تعالى .

قال الدارمي : أخبرنا عصمة بن الفضل ، ثنا حرمي بن عمارة ، عن شعبة ، عن عمرو بن سليمان ، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان ، عن أبيه قال : خرج زيد بن ثابت من عند مروان بن الحكم بنصف النهار ، قال : فقلت ما خرج هذه الساعة من عند مروان إلا وقد سأله عن شيء فأتيته فسألته ، قال : نعم سألني عن حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نضّر الله امرأً سمع منا حديثا فحفظه ، فأداه إلى من هو أحفظ منه ، فرب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه . لا يعتقد قلب مسلم على ثلاث خصال إلا دخل الجنة " . قال : قلت : ما هي ؟ قال : " إخلاص العمل ، والنصيحة لولاة الأمر ، ولزوم الجماعة ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم . ومن كانت الآخرة نيته جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة . ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه شمله ، وجعل فَرْقَهُ بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له " .

( السنن1/75-المقدمة ، ب الافتداء بالعلماء ح233 ) ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه ( الإحسان2/454-455 ) من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة به . وقال محققه : إسناده صحيح .

وانظر تفسير سورة طه آية ( 132 ) في حديث عثمان ابن عفان ففيه المزيد من تصحيح النقاد لهذا الحديث .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن أنس ابن مالك في قوله : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها } قال : نزلت في اليهود والنصارى .

( التفسير-سورة هود/15ح156 ) وأخرجه الطبري ( التفسير15/265ح23/18 ) من طريق همام عن قتادة به . وصحح إسناده محقق ابن أبي حاتم ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون } ، أي : لا يظلمون .

يقول : من كانت الدنيا همه وسدمه ، وطلبته ونيته ، جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الآخرة ، وليس له حسنه يعطى بها جزاء . وأما المؤمن ، فيجازى بحسناته في الدنيا ، ويثاب عليها في الآخرة { وهم فيها لا يبخسون } أي في الآخرة لا يظلمون .