نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمٍ أَلِيمٍ} (65)

ولما كان الطريق الواضح القديم موجباً للاجتماع عليه ، والوفاق عند سلوكه ، بين أنهم سببوا عنه بهذا الوعظ غير ما يليق بهما بقوله : { فاختلف } وبين أنهم أكثروا الاختلاف بقوله : { الأحزاب } أي أنهم لم يكونوا فرقتين فقط ، بل فرقاً كثيرة . ولما كانت العادة أن يكون الخلاف بين أمتين وقبيلتين ونحو ذلك ، وكان اختلاف الفرقة الواحدة عجباً ، بين أنهم من أهل القسم فقال : { من بينهم } أي اختلافاً ناشئاً ابتدأ من بين بني إسرائيل الذين جعلناهم مثلاً لهم : وقال لهم : قد جئتكم بالحكمة ، فسبب عن اختلافهم قوله : { فويل } وكان أن يقال : لهم ، ولكنه ذكر الوصف الموجب للويل تعميماً وتعليقاً للحكم به . ولما كان في سياق الحكمة ، وهي وضع الشيء في أتقن مواضعه ، جعل الوصف الظلم الذي أدى إليه الاختلاف فقال : { للذين ظلموا } أي وضعوا الشيء في غير موضعه مضادة لما أتاهم صلى الله عليه وسلم به من الحكمة { من عذاب يوم أليم } أي مؤلم ، وإذا كان اليوم مؤلماً فما الظن بعذابه .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡ عَذَابِ يَوۡمٍ أَلِيمٍ} (65)

قوله : { فاختلف الأحزاب من بينهم } المراد بالأحزاب فرق النصارى المختلفة بعد المسيح ، فقد تحزبوا واختلفوا ما بينهم في حقيقة المسيح ، فكانوا فرقا ونحلا متباينة شتى وهم الملكانية إذ قالوا : ثالث ثلاثة ، أحدهم الله ، واليعقوبية إذ قالوا : المسيح هو الله ، والنسطورية إذ قالوا : إنه ابن الله . وإن ذلكم لهو افتراء باطل وتخريص موهوم شنيع تعالى الله عما يتقوّله المشركون علوا عظيما .

قوله : { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } ذلك وعيد شديد من الله لهؤلاء المشركين ، إذ يتوعدهم بعذابه الأليم يوم القيامة بسبب ظلمهم وافترائهم على الله ، إذ اصطنعوا له الشريك والولد{[4149]} .


[4149]:تفسير الرازي جـ 27 ص 222 – 225 وتفسير القرطبي جـ 16 ص 96- 109 وتفسير الطبري جـ 25 ص 49، 50 وفتح القدير جـ 4 ص 560.