نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا} (1)

مقدمة السورة:

/سورة المرسلات{[1]} وتسمى العرف

مقصودها الدلالة على [ آخر-{[2]} ]الإنسان من إثابة الشاكرين بالنعيم ، وإصابة الكافرين بعذاب الجحيم ، في يوم الفصل بعد جمع الأجساد وإحياء{[3]} العباد بعد طي هذا الوجود وتغيير العالم المعهود بما له سبحانه من القدرة على إنبات النبات وإنشاء الأقوات وإنزال العلوم وإيساع الفهوم لإحياء الأرواح{[4]} وإسعاد الأشباح بأسباب خفية وعلل مرئية وغير مرئية ، وتطوير الإنسان في أطوار الأسنان ، وإيداع الإيمان فيما يرضى من الأبدان ، وإيجاد الكفران في أهل الخيبة والخسران ، مع اشتراك الكل في أساليب هذا القرآن ، الذي عجز الإنس والجان ، عن الإتيان بمثل آية [ منه-{[5]} ] على كثرتهم وتطاول الزمان ، واسمها المرسلات و[ كذا-{[6]} ] العرف واضح الدلالة على ذلك لمن تدبر الأقسام ، وتذكر ما دلت عليه من معاني الكلام { بسم الله }{[7]} الذي له القدرة التامة على ما يريد { الرحمن } الذي له عموم الإنعام على سائر العبيد { الرحيم* } الذي خص أهل رضوانه بإتمام ذلك الإنعام وعنده المزيد .

لما ختمت سورة الإنسان بالوعد لأوليائه والوعيد لأعدائه ، وكان الكفار يكذبون بذلك ، افتتح هذه بالإقسام على أن ذلك كائن فقال : { والمرسلات } أي من الرياح{[70823]} والملائكة { عرفاً * } أي لأجل إلقاء المعروف من القرآن{[70824]} والسنة وغير ذلك من الإحسان ، ومن إلقاء الروح والبركة وتيسير الأمور في الأقوات{[70825]} وغيرها ، أو حال كونها متتابعة متكاثرة بعضها في أثر بعض ، من قول العرب : الناس إلى فلان عرف واحد - إذا توجهوا إليه فأكثروا ، ويقال : جاؤوا عرفاً واحداً ، وهم عليه كعرف الضبع{[70826]} - إذا تألبوا عليه .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[70823]:من ظ و م، وفي الأصل: الروح.
[70824]:من ظ و م، وفي الأصل: الكتاب.
[70825]:من ظ و م، وفي الأصل: الأوقات.
[70826]:من ظ و م، وفي الأصل: الصبح.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا} (1)

{ وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً ( 1 ) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً ( 2 ) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً ( 3 ) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً ( 4 ) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً ( 5 ) عُذْراً أَوْ نُذْراً ( 6 ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ( 7 ) }

أقسم الله تعالى بالرياح حين تهب متتابعة يقفو بعضها بعضًا ،

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية وعدد آياتها خمسون . وهي مبدوءة بالقسم من الله بأجزاء من خلقه كالرياح العواصف ، والملائكة الأطهار على أن الساعة قائمة وأنها حق لا ريب فيه .

ويبين الله في السورة ما يقع من أحداث كونية هائلة إيذانا بفناء العالم ووقوع الواقعة وانتصاب الميزان للحساب .

وفي السورة تذكير للعباد بمصيرهم الذي يؤولون إليه يوم القيامة فإما التعس والخسران والإفضاء إلى جهنم ، وإما النجاة والفوز برضوان الله وجنته حيث النعيم الدائم المقيم .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والمرسلات عرفا 1 فالعاصفات عصفا 2 والناشرات نشرا 3 فالفارقات فرقا 4 فالملقيات ذكرا 5 عذرا أو نذرا 6 إنما توعدون لواقع 7 فإذا النجوم طمست 8 وإذا السماء فرجت 9 وإذا الجبال نسفت 10 وإذا الرسل أقّتت 11 لأي يوم أجلت 12 ليوم الفصل 13 وما أدراك ما يوم الفصل 14 ويل يومئذ للمكذبين } .

يقسم الله بجزء مما خلق وهو قوله : { والمرسلات عرفا } المراد بالمرسلات ، الرياح في قول أكثر المفسرين . وقيل : المراد بها الملائكة . والقول الأول أظهر . ويدل عليه أن الرياح عواصف فهي تعصف عصفا . وأن الله ذكر الرياح بالإرسال كقوله : { وأرسلنا الرياح لواقح } .

وقوله : { عرفا } منصوب على الحال . أي والرياح أرسلت متتابعة{[4718]} والمعنى : أرسلنا الرياح فيتبع بعضها بعضا كعرف الفرس .


[4718]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 486.