الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱلۡمُرۡسَلَٰتِ عُرۡفٗا} (1)

مقدمة السورة:

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة المرسلات بمكة .

وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه سورة والمرسلات عرفاً ، فإنه يتلوها وإني لألقاها من فيه ، وإن فاه لرطب بها إذا وثبت عليه حية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اقتلوها فابتدرناها فذهبت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «وقيت شركم كما وقيتم شرها » .

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : نزلت { والمرسلات عرفاً } نحو ليلة الحية . قالوا وما ليلة الحية ؟ قال : خرجت حية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اقتلوها ، فتغيبت في حجر . فقال : دعوها فإن الله وقاها شركم كما وقاكم شرها » .

وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار فنزلت عليه { والمرسلات } فأخذتها من فيه وإن فاه لرطب بها فلا أدري بأيها ختم { فبأي حديث بعده يؤمنون } أو { وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون } .

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أم الفضل سمعته وهو يقرأ { والمرسلات عرفاً } فقالت : يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب .

وأخرج الطبراني في الأوسط عن عبد العزيز أبي سكين قال : أتيت أنس بن مالك فقلت : أخبرني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا الظهر وقرأ قراءة همساً بالمرسلات والنازعات وعم يتساءلون ونحوها من السور .

أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه { والمرسلات عرفاً } قال : هي الملائكة ، أرسلت بالمعروف .

وخرج ابن جرير من طريق مسروق عن ابن مسعود رضي الله عنه { والمرسلات عرفاً } قال : الملائكة .

وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الرياح ثمان : أربع منها عذاب ، وأربع منها رحمة ، فالعذاب منها العاصف والصرصر والعقيم والقاصف ، والرحمة منها الناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات . فيرسل الله المرسلات فتثير السحاب ، ثم يرسل المبشرات فتلقح السحاب ، ثم يرسل الذاريات فتحمل السحاب ، فتدر كما تدر اللقحة ، ثم تمطر ، وهي اللواقح ، ثم يرسل الناشرات فتنشر ما أراد » .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبيّ العبيدين أنه سأل ابن مسعود { والمرسلات عرفاً } قال : الريح { فالعاصفات عصفاً } قال : الريح { والناشرات نشراً } قال : الريح { فالفارقات فرقاً } قال : حسبك .

وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب والحاكم وصححه عن خالد بن عرعرة رضي الله عنه قال : قام رجل إلى عليّ فقال : ما العاصفات عصفاً . قال : الرياح .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما { والمرسلات عرفاً } قال : الريح { فالعاصفات عصفاً } قال : الريح { فالفارقات فرقاً } قال : الملائكة { فالملقيات ذكراً } قال : الملائكة .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما { والمرسلات عرفاً } قال : الملائكة { فالفارقات فرقاً } قال : الملائكة ، فرقت بين الحق والباطل { فالملقيات ذكراً } قال : الملائكة بالتنزيل .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه { والمرسلات عرفاً } قال : الريح { فالعاصفات عصفاً } قال : الريح { والناشرات نشراً } قال : الريح .

وأخرج عبد الرزاق وعبد حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة { والمرسلات عرفاً } قال : هي الريح { فالعاصفات عصفاً } قال : هي الريح { فالفارقات فرقاً } يعني القرآن ما فرق الله به بين الحق والباطل { فالملقيات ذكراً } هي الملائكة تلقي الذكر على الرسل ، وتلقيه الرسل على بني آدم عذراً أو نذراً . قال : عذراً من الله ونذراً منه إلى خلقه .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد { والمرسلات عرفاً فالعاصفات عصفاً والناشرات نشراً فالفارقات فرقاً فالملقيات ذكراً } قال : الملائكة .

وأخرج ابن جرير عن مسروق { والمرسلات عرفاً } قال : الملائكة .

وأخرج عبد بن حميد وابن الشيخ في العظمة وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه { والمرسلات عرفاً } قال : هي الرسل ترسل بالمعروف { فالعاصفات عصفاً } قال : الريح { والناشرات نشراً } قال : المطر { فالفارقات فرقاً } قال : الرسل .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن أبي صالح { والمرسلات عرفاً } قال : الملائكة يجيئون بالأعارف { فالعاصفات عصفاً } قال : الريح العواصف { والناشرات نشراً } قال : الملائكة ينشرون الكتب { فالفارقات فرقاً } قال : الملائكة يفرقون بين الحق والباطل { فالملقيات ذكراً } قال : الملائكة يجيئون بالقرآن والكتاب عذراً من الله أو نذراً منه إلى الناس وهم الرسل يعذرون وينذرون .