مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر .
وقال ابن عباس وقتادة – رضي الله عنهم - : إلا آية منها{[1]} ، وهي قوله تعالى : { وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون } [ المرسلات : 48 ] ، مدنية .
وقال ابن مسعود – رضي الله عنه - : نزلت { والمرسلات عرفا } على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ونحن نسير معه ، حتى أوينا إلى غار بمنى فنزلت ، فبينا نحن نتلقاها منه ، وإن فاه لرطب بها إذ وثبت حية ، فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " وقيتم شرها كما وقيت شركم " {[2]} .
وعن كريب مولى ابن عباس ، قال : قرأت سورة { والمرسلات عرفا } فسمعتني أم الفضل امرأة العباس ، فبكت ، وقالت : والله يا بني ، لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة ، إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة المغرب{[3]} .
وهي خمسون آية ، ومائة وإحدى وثمانون كلمة ، وثمانمائة وستة عشر حرفا .
قوله : { والمرسلات عُرْفاً } في «عرفاً » ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مفعول من أجله ، أي : لأجل العرف ، وهو ضد النُّكْر ، فإن الملائكة إن كانوا بعثُوا للرحمة ، فالمعنى فيهم ظاهر ، وإن كانوا بعثوا للعذاب فذلك العذاب وإن لم يكن معروفاً للكفار فإنه معروف للأنبياء والمؤمنين ، والمراد بالمرسلات ، إما الملائكة ، وإما الأنبياء ، وإما الرياح ، أي : والملائكة المرسلات ، أو والأنبياء المرسلات ، أو والرياح المرسلات . و«العرف » المعروف ، والإحسان ، قال : [ البسيط ]
5054- مَنْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لا يَعْدمْ جَوازِيَهُ *** لا يَذهبُ العُرْفُ بيْنَ اللهِ والنَّاسِ{[58993]}
وقد يقال : كيف جمع صفة المذكر العاقل بالألف والتاء ، وحقه أن يجمع بالواو والنون نقول : الأنبياء المرسلون ولا نقول : المرسلات ؟ .
والجواب : أن المرسلات جمع مرسلة ، ومرسلة : صفة لجماعة من الأنبياء ، والمرسلات : جمع مرسلة الواقعة صفة لجماعة ، لا جمع مرسل مفرد .
والثاني : أن ينتصب على الحال بمعنى متتابعة ، من قولهم : جاءوا كعرف الفرس ، وهم على فلان كعرف الضبع ، إذا تألبُّوا عليه .
قال ابن الخطيب{[58994]} : يكون مصدراً ، كأنه قيل : والمرسلات إرسالاً ، أي متتابعة .
الثالث : أن ينتصب على إسقاط الخافض ، أي : المرسلات بالعرف ، وفيه ضعف ، وقد تقدم الكلام على العرف في الأعراف{[58995]} .
والعامة : على تسكين رائه ، وعيسى{[58996]} : بضمها ، وهو على تثقيل المخفف ، نحو : «بكّر » في «بكَر » ، ويحتمل أن يكون هو الأصل ، والمشهور مخففة منه ، ويحتمل أن يكونا وزنين مستقلين .
جمهور المفسرين على أن «المرسلات » هي الرياح .
وروى مسروق عن عبد الله قال : هي الملائكة أرسلت بالعرف من أمر الله ونهيه والخبر والوحي ، وهو قول أبي هريرة ومقاتل وأبي صالح والكلبي{[58997]} .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هم الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله{[58998]} .
وقال أبو صالحٍ : الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات .
وعن ابن عباس وابن مسعود : أنها الرياح ، كما قال تعالى : { وَأَرْسَلْنَا الرياح } [ الحجر : 22 ] ، وقال تعالى : { وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح }{[58999]} [ الأعراف : 57 ] ، ومعنى «عُرْفاً » أي : يتبع بعضها بعضاً كعرف الفرس ، وقيل : يحتمل أن يكون المراد بالمرسلات : السحاب لما فيها من نعمة ونقمة عارفة بما أرسلت إليه ومن أرسلت إليه .
وقيل : إنها الزَّواجر والمواعظ ، و«عُرْفاً » على هذا التأويل : متتابعات كعرف الفرس ، قاله ابن عبَّاس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.