نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

ولما تقدمت البشرى بنفي الخوف والحزن معاً{[38188]} عن الأولياء ، علم أن المعنى : هذه{[38189]} البشرى للأولياء وأنت رأسهم فلا تخف ، فعطف عليه قوله : { ولا يحزنك قولهم{[38190]} } أي{[38191]} في نحو قولهم : إنهم يغلبون{[38192]} ، وفي تكذيبك والاستهزاء بك وتهديدك ، فإن ذلك قول يراد به تبديل كلمات الله الغني القدير ، وهيهات ذلك من الضعيف الفقير فكيف بالعلي الكبير ! وإلى هذا يرشد التعليل لهذا{[38193]} النهي بقوله : { إن العزة } أي الغلبة والقهر وتمام العظمة { لله } أي الملك الأعلى حال كونها { جميعاً } أي فسيذلهم ويعز دينه ، والمراد بذلك التسلية عن قولهم الذي يؤذونه به .

ولما بدئت الآية بقولهم ، ختمها بالسمع له والعلم به وقصرهما عليه لأن صفات كل موصوف متلاشية بالنسبة إلى صفاته فقال : { هو } أي وحده { السميع } أي البليغ السميع لأقوالهم { العليم } أي المحيط العلم بضمائرهم وجميع أحوالهم فهو البالغ القدرة على كل شيء فيجازيهم بما تقتضيه ، وهو تعليل لتفرده{[38194]} بالعزة لأنه تفرد بهذين الوصفين فانتفيا عن غيره ، ومن انتفيا عنه كان دون الحيوانات العجم فأنى يكون{[38195]} له عزة ! والعزة : قدرة على كل جبار بما لا يرام ولا يضام ، والمعنى أنه يعزك على من ناواك ، والنهي في { ولا يحزنك } في اللفظ للقول وفي المعنى للسبب المؤدي إلى التأذي بالقول ، وكسرت " إن " هاهنا للاستئناف بالتذكير{[38196]} بما ينفي الحزن ، لا لأنها بعد القول لأنها ليست حكاية عنهم ، وقرىء بفتحها على معنى " لأن " .


[38188]:في ظ: معنا.
[38189]:في ظ: هذا.
[38190]:في ظ: هذا.
[38191]:زيد من ظ.
[38192]:في ظ: يقلبون.
[38193]:في ظ: بهذا.
[38194]:في ظ: لتفرد.
[38195]:في ظ: تكون.
[38196]:من ظ، وفي الأصل: التذكر.