نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡقَارِعَةُ} (3)

وأكد تعظيمها إعلاماً بأنه مهما خطر ببالك من عظمها فهي أعظم منه ، فقال : { وما أدراك } أي وأيّ شيء أعلمك وإن بالغت في التعرف ؟ وأظهر موضع الإضمار لذلك فقال : { ما القارعة * } أي إنك لا تعرفها ؛ لأنك لم تعهد مثله .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما قال الله سبحانه وتعالى : { أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور } كان ذلك مظنة لأن يسأل : متى ذلك ؟ فقيل : يوم القيامة الهائل الأمر ، الفظيع الحال ، الشديد البأس ، والقيامة هي القارعة ، وكررت تعظيماً لأمرها كما ورد في قوله تعالى

{ الحاقة ما الحاقة }[ الحاقة : 1 - 2 ] وفي قوله سبحانه :{ فغشيهم من اليم ما غشيهم }[ طه : 78 ] ثم زاد عظيم هوله إيضاحاً بقوله تعالى { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } والفراش ما تهافت في النار من البعوض ، والمبثوث : المنتشر { وتكون الجبال كالعهن المنفوش } والعهن : الصوف المصبوغ ، وخص لإعداده للغزل إذ لا يصبغ لغيره بخلاف الأبيض فإنه لا يلزم فيه ذلك ، ثم ذكر حال الخلق في وزن الأعمال وصيرورة كل فريق إلى ما كتب له وقدر . انتهى .