إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡقَارِعَةُ} (3)

وقوله تعالى : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا القارعة } تأكيد لهولِها وفظاعتِها ببيانِ خروجِها عنْ دائرةِ علومِ الخلقِ ، على مَعْنى أنَّ عِظمَ شَأْنِها ومَدَى شِدَّتِها بحيثُ لا تكادُ تنالُه درايةُ أحدٍ حَتَّى يدريكَ بَها ، وَمَا فِي حيزِ الرفعِ على الابتداءِ ، وأدراكَ هو الخبرُ ، وَلا سبيل إلى العكسِ ههنا ، و{ مَا القارعةُ } جملةٌ كما مَرَّ محلّها النصبُ على نزعِ الخافضِ ؛ لأنَّ أَدْرى يتعدَّى إلى المفعولِ الثانِي بالباءِ كما في قولِه تعالَى : { وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ } [ سورة يونس ، الآية 16 ] ، فلما وقعتْ الجملةُ الاستفهاميةُ معلقةً لهُ كانتْ فِي مَوْقعِ المفعولِ الثانِي له ، والجملةُ الكبيرةُ معطوفةٌ على ما قبلَها من الجملةِ الواقعةِ خبراً للمبتدأِ الأولِ ، أيْ وأيُّ شيءٍ أعلمكَ مَا شأنُ القارعةِ ،