نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَا نُؤَخِّرُهُۥٓ إِلَّا لِأَجَلٖ مَّعۡدُودٖ} (104)

ولما تقدم قولهم { ما يحبسه } كان كأنه قيل في الرد عليهم : نحن قادرون على تعجيله ، وهو - كما أشرنا إليه في هذه الآية - عندنا متى شئنا في غاية السهولة : { وما نؤخره } أي اليوم أو الجزاء مع ما لنا من العظمة والقدرة التامة على إيجاده لشيء من الأشياء { إلا لأجل } أي لأجل انتهاء أجل { معدود* } سبق في الأزل تقديره ممن لا يبدل القول لديه وكل شيء في حكمه ، فهو لا يخشى الفوت ؛ ومادة " أجل " بتراكيبها الأربعة : أجل وجأل وجلأ ولجأ تدور على المدة المضروبة للشيء ، فالأجل - محركة : مدة الشيء وغاية الوقت في الموت وحلول الدين{[40119]} من تسمية الجزء باسم الكل ، والتأجيل : تحديد الأجل ، ويلزمه التأخير ، ومنه أجل الشيء كفرح - إذا تأخر ، والآجلة : الآخرة ، وأجل الشيء - بالفتح : حبسه ومنعه ، لأن الأجل حابس ومانع للمؤجل ، ومنه أجلى كجمزى{[40120]} ، وهو مرعى لهم معروف كأنه لحسنه يحبس الراعي فيه ، وأجل الشر عليهم : جناه وأثاره وهيجه ، ولأهله{[40121]} : كسب وجمع واحتال ، لأن ذلك كله من لوازم ذي الأجل ، أو{[40122]} المعنى أنه أوجد أجل ذلك ، وكمقعد ومعظم : مستنفع الماء ، لأنه محيط به إحاطة الأجل بالمؤجل ، وأجله فيه تأجيلاً : جمعه{[40123]} فتأجل ، والمأجل : الحوض يحبس فيه الماء ، وأجلوا ما لهم : حبسوه في{[40124]} المرعى ، {[40125]}والأجل - بالكسر : قطيع من بقر الوحش ، تشبيهاً له في اجتماعه من حيث إنه أحصن له بالأجل لأنه - كما قيل - حصن حصين{[40126]} ، والأجل - بالكسر أيضاً : وجع في العنق ، لأنه من أسباب حلول الأجل ، وأجله : داواه منه ، وبالضم جمع أجيل للمتأخر وللمجتمع من الطين يجعل حول النخلة ، لإحاطته بها إحاطة الأجل وتحصينه لها ، وتأجل القوم : تجمعوا ، لأن التجمع أحصن لهم ، وأجل - بفتحتين ثم سكون : جواب كنعم وزناً ومعنى إلا أنه أحسن منه في التصديق ، و{[40127]} نعم منه في الاستفهام ، وحقيقة ذلك الإخبار بأن أجل - أي وقت - ذلك الفعل الموجب أو المستفهم عنه {[40128]}قد حضر{[40129]} ، وفعلت ذلك من أجلك - من غير " من " - ومن أجلك ، ومن أجلاك ومن أجلالك{[40130]} ويكسر في الكل ، أي من جللك - قاله في القاموس ، وقال في فصل الجيم : وفعلته من جلك - بالضم - وجلالك{[40131]} وجللك - محركة{[40132]} - وتجلتك {[40133]}وإجلالك{[40134]} - بالكسر ، ومن أجل إجلالك ومن أجلك بمعنى - انتهى . وحقيقته أن فعلي مبتدىء من أجلك - بالتحريك ، أو تكون " من " سببية ، أي أجلك سبب فيه ، ولولا وجودك ما فعلته فهو لتعظيمك ؛ والملجأ واللجأ - محركة : المعقل والملاذ ، كأنه شبه بالأجل ، ومنه لجأ إليه - كمنع وفرح : لاذ ، وألجأ أمره إلى الله : أسنده ، وألجأ فلاناً إلى كذا : اضطره ، والتلجئة{[40135]} : الإكراه ، واللجأ - محركاً : الضفدع ، لالتجائها إلى الماء ؛ ومن ذلك الجيأل - كصقيل ، وجيأل{[40136]} وجيألة ممنوعين ، وجيل بلا همز كله اسم الضبع لكثرة لجائها إلى وجارها ، ومنه جئل - كفرح - جألاناً : عرج ، كأنه تشبيه{[40137]} بمشيتها ، لأن من أسمائها العرجاء ، أو تشبيه بمشية الراقي في درج الملجأ ، أي الحصن ، وكذا الأجل - كقنب {[40138]}وقبر - وهو ذكر الأوعال ، لأن قرونه كالحصن له ، وجيألة{[40139]} الجرح : غثيثه ، وهو مرية ، لأنه من أسباب قرب الأجل ، وكذا الاجئلال{[40140]} - أي الفزع - ربما كان سبباً لذلك ، وربما كان سبباً للمبادرة{[40141]} إلى الحصن ، وجأل - كمنع : ذهب وجاء ، والصوف : جمعه واجتمع - لازم متعد ، كله من لوازم الأجل بمعنى المدة ، وجلأ بالرجل{[40142]} - كمنع{[40143]} : صرعه ، وبثوبه : رماه ، كأنه جعله في قوة من حضر أجله ، وإن شئت قلت في ضبط{[40144]} ذلك : إن المادة - مع دورانها على المدة - تارة تنظر إلى نفس المدة ، {[40145]}وتارة إلى آخرها{[40146]} ، وتارة إلى{[40147]} امتدادها وتأخرها ، وتارة إلى ما يدني منه{[40148]} ، وتارة إلى{[40149]} منفعتها ، وتارة إلى ما يلزم فيها{[40150]} ، فمن النظر إلى نفس المدة : التأجيل بمعنى تحديد الأجل ، وهو مدة الشيء{[40151]} ، وفعلت هذا من أجلك ، أي لولا وجودك ما فعلته ، وأجل بمعنى نعم ، أي حضرت مدة الفعل ، ومن النظر إلى الآخر : دنا الأجل - في الموت والدّين ، ومن النظر إلى التأخر : أجل{[40152]} الشيء - إذا تأخر ، والآجلة : الآخرة ، ومن النظر إلى السبب المدني : الأجل - بالكسر - لوجع في العنق ، وجيألة{[40153]} الجرح - لغثيثه أي مريه ، وجلأ بالرجل : صرعه وبثوبه : رماه ، وأجل الشر عليهم : جناه ، أو أثاره وهيجه ، والاجئلال : الفزع ، ومن النظر إلى المنفعة وهي{[40154]} أن التأجيل الذي هو تحديد الأجل للشيء مانع من أخذه دون ما ضرب له من المدة : الاجل - بالكسر - للقطيع من بقر الوحش ، وأجل الشيء : حبسه ومنعه ، وأجلى كجمزي{[40155]} : مرعي لهم معروف ، وتأجل القوم : تجمعوا ، وجأل الصوف جمعه ، واللجأ والملجأ : المعقل والملاذ ، والضفدع للزومها ملجأها من الماء ، والجيأل للضبع للزومها وجارها ، ولذلك تسمى{[40156]} أم عامر ، وجئل - كفرح : عرج ، كأنه شبه بمشيتها لأنها تسمى العرجاء ، والأجل كقنب{[40157]} وقبر - لذكر الأوعال ، لتحصنه بقرونه ، والأجل - بالضم : المجتمع من الطين يجعل حول النخلة ، والمآجل : الحوض يحبس فيه الماء ، ومستنقع الماء مطلقاً ، وأجله تأجيلاً : جمعه ، ومن النظر إلى ما يلزم في المدة : أجل لأهله : كسب وجمع وجلب واحتال ، وجأل - كمنع : جاء وذهب ؛ فقد تبين أن المراد بالأجل هنا الحين .


[40119]:في ظ: الأجل.
[40120]:من القاموس، وفي الأصول: كحمرى.
[40121]:في ظ: لأهل.
[40122]:في ظ ومد "و".
[40123]:سقط من ظ.
[40124]:في تاج العروس: عن.
[40125]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[40126]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[40127]:في ظ: أو.
[40128]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[40129]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[40130]:زيد من القاموس.
[40131]:في ظ: جلاك.
[40132]:من القاموس، وفي الأصول: محركا.
[40133]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[40134]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[40135]:في ظ: اللجية.
[40136]:من ظ ومد والقاموس، وفي الأصل: حيالب.
[40137]:في ظ ومد: تشبه.
[40138]:من ومد والقاموس، وفي الأصل: كعنب.
[40139]:في ظ: جالة.
[40140]:في ظ ومد: الإجلال.
[40141]:في مد: للمادة.
[40142]:في القاموس: الرجل.
[40143]:في ظ: منع.
[40144]:سقط من ظ.
[40145]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[40146]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[40147]:زيد من ظ ومد.
[40148]:من ظ ومد، وفي الأصل: منهما ـ كذا.
[40149]:سقط من ظ.
[40150]:في ظ: منها.
[40151]:سقط من مد.
[40152]:في ظ: أجر.
[40153]:في ظ: جاله.
[40154]:في ظ: هو.
[40155]:من القاموس، وفي الأصول: كحمرى.
[40156]:من ظ ومد، وفي الأصل: سمى.
[40157]:من ظ ومد والقاموس، وفي الأصل: كعنب.