نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

فأجابهم على هذا الجواب الغص بجواب الواسع القادر الذي لا يعتريه ضيق ، ولا تنويه عجلة ، مشيراً إلى الاستعداد للدفاع أو الاستسلام لذي الجلال والإكرام ، كما فعلت بلقيس رضي الله عنها ، فقال مخاطباً الرأس الذي لا يقدر على هذه التؤده حق القدرة غيره : { قل } يا محمد { عسى } أي يمكن { أن يكون } وجدير وخليق بأن يكون { ردف } أي تبع ردفاً حتى صار كالرديف ولحق .

ولما قصر الفعل وضمنه معنى ما يتعدى باللام لأجل الاختصاص قال : { لكم } أي لأجلكم خاصة { بعض الذي تستعجلون* } إتيانه من الوعيد ، فتطلبون تعجيله قبل الوقت الذي ضربه الله له ، فعلى تقدير وقوعه ماذا أعددتم لدفاعه ؟ فإن العاقل من ينظر في عواقب أموره ، ويبنيها على أسوأ التقادير ، فيعد لما يتوهمه من البلاء ما يكون فيه الخلاص كما فعلت بلقيس رضي الله عنها من الانقياد الموجب للأمان لما غلب على ظنها أن الإباء يوجب الهوان ، لا كما فعل قوم صالح من الآبار ، التي أعانت على الدمار ، وغيرهم من الفراعنة .