فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

{ قُلْ عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم } يقال ردفت الرجل ، وأردفته إذا ركبت خلفه ، وردفه : إذا أتبعه وجاء في أثره ، والمعنى : قل يا محمد لهؤلاء الكفار عسى أن يكون هذا العذاب الذي به توعدون تبعكم ولحقكم ، فتكون اللام زائدة للتأكيد ، أو بمعنى اقترب لكم ، ودنا لكم ، فتكون غير زائدة . قال ابن شجرة : معنى ردف لكم : تبعكم ، قال ومنه ردف المرأة ؛ لأنه تبع لها من خلفها ، ومنه قول أبي ذؤيب :

عاد السواد بياضاً في مفارقه *** مرحباً ببياض الشيب إذ ردفا

قال الجوهري : وأردفه لغة في ردفه مثل تبعه وأتبعه بمعنى . قال خزيمة بن مالك بن نهد :

إذا الجوزاء أردفت الثريا *** ظننت بآل فاطمة الظنونا

قال الفراء : ردف لكم : دنا لكم ، ولهذا قيل لكم . وقرأ الأعرج : " ردف لكم " بفتح الدال وهي لغة ، والكسر أشهر . وقرأ ابن عباس " أزف لكم " وارتفاع { بَعْضُ الذي تَسْتَعْجِلُونَ } أي على أنه فاعل ردف ، والمراد بعض الذي تستعجلونه من العذاب : أي عسى أن يكون قد قرب ودنا وأزف بعض ذلك ، قيل هو عذابهم بالقتل يوم بدر ، وقيل هو عذاب القبر .

/خ82