الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

قوله : { رَدِفَ لَكُم } : فيه أوجهٌ ، أظهرُها : أنَّ " رَدِفَ " ضُمِّن معنى فِعْلٍ يتعدَّى باللامِ . أي : دنا وقَرُب وأَزِفَ . وبهذا فسَّره ابنُ عباس و " بعضُ الذي " فاعِلٌ به وقد عُدِّي ب " مِنْ " أيضاً على تَضْمينِه معنى دَنا ، قال :

فلمَّا رَدِفْنا مِنْ عُمَيْرٍ وصَحْبِه *** توَلَّوْا سِراعاً والمنيَّةُ تُعْنِقُ

أي : دَنَوْنَا مِنْ عُمَيْر . والثاني : أنَّ مفعولَه محذوف ، واللامُ للعلةِ أي : رَدِفَ الخَلْقُ لأَجْلكم ولِشُؤْمِكم . والثالث : أنَّ اللامَ مزيدةٌ في المفعولِ تأكيداً لزيادتِها في قولِه :

3581 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** أَنَخْنا لِلكَلاكِلِ فارْتَمَيْنا

وكزيادةِ الباء في قولِه تعالى : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } [ البقرة : 195 ] وعلى هذه الأوجهِ الوقفُ على " تَسْتَعجلون " . والرابع : أنَّ فاعل " رَدِفَ " ضميرُ الوعدِ أي : رَدِفَ الوعدُ أي : قَرُبَ ودَنا مُقْتضاه . و " لكم " خبرٌ مقدمٌ و " بعضُ " مبتدأ مؤخرٌ . والوقفُ على هذا على " رَدِفَ " وهذا فيه تفكيكُ للكلامِ . والخامس : أنَّ الفعلَ محمولٌ على مصدرِه أي : الرَّدافةُ لكم ، و " بعضُ " على تقديرِ : رَدافةِ بعضٍ ، يعني حتى يتطابقَ الخبرُ والمخبرُ عنه . وهذا أضعفُ مِمَّا قبله .

وقرأ الأعرج " رَدَفَ " بفتح الدال وهي لغةٌ ، والكسر أشهرُ .