اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعۡضُ ٱلَّذِي تَسۡتَعۡجِلُونَ} (72)

{ عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ }{[39422]} .

قوله : «رَدِفَ لَكُمْ » فيه أوجه :

أظهرها : أنَّ «رَدِفَ » ضُمّن معنى فعل يتعدى باللام ، أي : دَنا وقرب وأزف{[39423]} ، و{[39424]} بهذا فسّره ابن عباس{[39425]} ، و «بَعْضُ الَّذِي » فاعلٌ به{[39426]} ، وقد عدّي ب ( من ) أيضاً على تضمنه معنى «دَنَا »{[39427]} ، قال :

3970 - فَلَمَّا رَدِفْنَا مِن عُمَيْرٍ وَصَحْبِهِ *** تَوَلَّوْا سِرَاعاً وَالمَنِيَّةُ تَعْنِقُ{[39428]}

أي : دنونا من عمير{[39429]} .

والثاني : أنّ مفعوله محذوف واللام للعلّة : أي : ردف الخلق لأجلكم ولشؤمكم{[39430]} .

الثالث : أنّ اللام مزيدة في المفعول تأكيداً{[39431]} كزيادتها في قوله :

3971 - أَنَخْنَا لِلْكَلاَكِلِ فَارْتَمَيْنَا{[39432]} *** . . .

وكزيادتها في قوله : { لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } [ الأعراف : 154 ] وكزيادة الباء في قوله تعالى : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } [ البقرة : 195 ] وعلى هذه الأوجه الوقف على «تَسْتَعْجِلُونَ » .

الرابع : أن فاعل «رَدِفَ » ضمير الوعد ، أي : ردف الوعد ، أي : قرب ودنا مقتضاه و «لَكُمْ » خبر مقدّم ، و «بَعْضُ » مبتدأ مؤخر ، والوقف على هذا على «رَدِفَ » وهذا فيه تفكك للكلام{[39433]} .

والخامس : أنّ الفعل محمول على مصدره ، أي : الرادفة لكم ، وبعض على تقرير ردافة بعض ، يعني : حتى يتطابق الخبر والمخبر عنه ، وهذا أضعف مما قبله{[39434]} .

وقرأ الأعرج : «رَدَفَ » بفتح الدال{[39435]} ، وهي لغة ، والكسر أشهر . {[39436]} { بَعْضُ الذي تَسْتَعْجِلُونَ } من العذاب حل بهم ذلك يوم بدر .


[39422]:انظر الفخر الرازي 24/214.
[39423]:في ب: وهو تحريف.
[39424]:و: سقط من ب.
[39425]:انظر تفسير ابن عطية 11/237، البحر المحيط 7/95.
[39426]:انظر التبيان 2/1013.
[39427]:انظر الكشاف 3/151.
[39428]:البيت من بحر الطويل، لم أهتد إلى قائله، وهو في الكشاف 3/151، البحر المحيط 7/95، شرح شواهد الكشاف (85). والشاهد فيه تعدي الفعل (ردف) بـ (من) لتضمنه معنى دنا، أي: دنونا من عمير.
[39429]:انظر الكشاف 3/151.
[39430]:حكاه أبو حيان فإنه قال: (وقيل: اللام في "لكم" داخلة على المفعول من أجله والمفعول به محذوف تقديره: ردف الخلق لأجلكم، وهذا ضعيف) البحر المحيط 7/95.
[39431]:انظر معاني القرآن للأخفش 2/651، معاني القرآن للفراء 2/300، البيان 2/227.
[39432]:عجز بيت من بحر الوافر، لم أهتد إلى قائله، وصدره: فلمَّا أن توقفنا قليلاً وقد تقدم.
[39433]:انظر البحر المحيط 7/95.
[39434]:المرجع السابق.
[39435]:المحتسب 2/143، ولم يعزها ابن خالويه إلى قارئ. المختصر (110).
[39436]:انظر الكشاف 3/151.