نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ مَلَكٗا لَّجَعَلۡنَٰهُ رَجُلٗا وَلَلَبَسۡنَا عَلَيۡهِم مَّا يَلۡبِسُونَ} (9)

وهو معنى { ولو جعلناه } أي مطلوبَهم { ملكاً } أي يمكن في مجاري العادات في هذه الدار رؤيتهم{[28645]} له وبقاؤهم بعد رؤيته { لجعلناه رجلاً } أي في صورة رجل ، ولكنه عبر بذلك إشارة إلى تمام اللبس حتى أنه{[28646]} لا يشك أحد يراه في كونه رجلاً ، كما كان جبريل عليه السلام ينزل في بعض الأوقات على النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية الكلبي ، فإذا رآه بعض الصحابة رضي الله عنهم لم يشك أنه دحية رضي الله عنه { و } لو جعلناه رجلاً { للبسنا عليهم ما يلبسون } أي لخلطنا عليهم بجعلنا إياه رجلاً ما يخلطونه{[28647]} على أنفسهم وعلى غيرهم في قولهم : إن الرسالة لا تصح من البشر ، فلو كان هذا الذي يقول : إنه رسول{[28648]} رسولاً لكان ملكاً ، فوقع اللبس عليهم بأنه لما كان هذا{[28649]} الذي{[28650]} يقول : إنه رسول ، ملكاً كان رجلاً ، ويجوز أن يقرر ذلك على وجه آخر ، وهو أن يكون { ولو نزلنا } في حيز { كانوا عنها معرضين } ، أي أعرضوا عنها لو نزلناها عليك في غير قرطاس ، ولو نزلنا عليك من السماء كتاباً في قرطاس فجعلنا{[28651]} لهم في ذلك بين حس{[28652]} البصر واللمس لأعرضوا ، وقال الذين أبَّدْنا كفرَهم عناداً ومكابرة : ما هذا إلاّ سحر ظاهر ، ويكون { وقالوا } معطوفاً على { لقال الذين كفروا } ويكون ذلك قبل اقتراحهم لذلك بما حكاه الله تعالى عنهم في سورة الإسراء بقوله وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً{[28653]} }[ الإسراء : 90 ] - إلى آخرها ، فيكون إخباراً بمغيب .


[28645]:في ظ: رويته.
[28646]:زيد من ظ.
[28647]:في ظ: ما يخطونه.
[28648]:زيد من ظ.
[28649]:زيد من ظ.
[28650]:زيد بعده في الأصل: يقول رسولهم الذي، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.
[28651]:في ظ: لجعلنا.
[28652]:في ظ: حيز- كذا.
[28653]:آية 90.