التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَلَبِثَ فِيهِمۡ أَلۡفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمۡسِينَ عَامٗا فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمۡ ظَٰلِمُونَ} (14)

{ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون 14 فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين( 15 ) } . [ 14-15 ] .

هذه الآيات حلقة من سلسلة قصصية عن بعض الأنبياء والأمم السابقة جاءت بعد حكاية أقوال الكفار والتنديد بهم وإنذارهم جريا على الأسلوب القرآني على ما نبهنا عليه في المناسبات السابقة . ومن هنا تكون السلسلة متصلة بالسياق بطبيعة الحال . وقد استهدفت التذكير والإنذار والعظة بالنسبة للكفار ، والتنويه والتثبيت والتطمين بالنسبة للمسلمين أسوة بمثيلاتها .

وفي هذه الحلقة شيء جديد لم يسبق ذكره . وهو خبر لبث نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عاما في قومه . ولقد جعل هذا بعض الباحثين يعيدون ويبدون ويعلقون تعليقات متنوعة . وفي كتب التفسير أقوال على هامش هذه الآية عن عمر نوح والمدة التي عاشها قبل الطوفان وبعده ليست وثيقة السند . ونقول هنا كما قلنا في المناسبات السابقة : إن واجب المسلم أن يؤمن بكل ما أخبر به القرآن من أخبار الأنبياء والأمم والوقوف عند هذا الحد وعند ما يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث . وأن يؤمن أنه لابد من أن يكون لما يجيء في القرآن والأحاديث الثابتة من حكمة ، وإن كان من شيء يحسن أن يضاف إلى هذا في صدد الخبر المذكور فهو أن بعض المفسرين {[1598]} قالوا : إن حكمة ذكر المدة هي تسلية النبي والتسرية عنه وهو قول وجيه منسجم مع أهداف القصة القرآنية . كذلك فإن سفر التكوين ذكر في الإصحاح التاسع نفس المدة عمرا لنوح . ولا بد من أين يكون السامعون أو بعضهم يعرفون ذلك . وفي هذا ما يدعم تأثير تلك الحكمة والهدف . ولقد ورد في سورة القمر جملة مقاربة لجملة { فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين } في سياق قصة نوح وسفينته وطوفانه . وعلقنا عليها بما يغني عن التكرار .


[1598]:انظر تفسير الآيات في الخازن مثلا.