تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَلَبِثَ فِيهِمۡ أَلۡفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمۡسِينَ عَامٗا فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمۡ ظَٰلِمُونَ} (14)

الآية 14 وقوله تعالى : { ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } يذكر هذا النبأ لوجهين :

أحدهما : تصبيره رسوله على أذى قومه ، لأنه ذكر أن نوحا لبث في قومه ألف عام غير خمسين عاما ، كان يدعو إلى توحيد الله ، فلم يجبه إلا نفر من أهله ، فلم يمنعه من الدعاء إلى دين الله ما أوعدوه من المواعيد حين( {[15667]} ) { قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين } [ الشعراء : 116 ] ونحو ذلك من المواعيد .

فذلك لم يمنعه من الدعاء ، ولذلك قال : { فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] .

والثاني : ينقض على المتقشفة مذهبهم لأنهم يقولون : إن الموعظة إنما لا تنجع في الموعوظين لتفريط الواعظ وترك استعمال نفسه لذلك .

فيقال : إن نوحا قد دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، فلم يجبه إلا نفر . فلا يحتمل أن يكون منه تقصير أو تفريط . فدل أنها لا تنجع ربما لشقاوة الموعوظ .

وقوله تعالى : { فأخذهم الطوفان } قال بعضهم : هو المطر الشديد .

وجائز أن يكون الطوفان كل بلاء ، فيه الهلاك ، والطوفان هو الذي أرسل عليهم من الماء ، فأغرقهم ، والله أعلم .


[15667]:في الأصل وم: حيث.