التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (29)

/خ27

تعليق على رواية مدنية

الآيات [ 27 ، 28 ، 29 ] .

ولقد روى المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [ 27 ، 28 ، 29 ] مدنيات . ولقد روى الطبري عن ابن عباس : ( أن أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة يا محمد أرأيت قوله { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } الإسراء : [ 75 ] . إيانا تريد أم قومك ؟ فقال : كلاكما . فقالوا : ألست تتلو فيما جاءك إنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء ؟ فقال : إنها في علم الله قليل وعندكم من ذلك ما يكفيكم فأنزل الله فيما سألوه عنه من ذلك { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام . . . . . . . . . } الخ [ 27 ] ونحن نتوقف في هذه الرواية وفي رواية مدنية الآيات بالتبعية ؛ لأنها منسجمة مع ما قبلها وبعدها انسجاما وثيقا سبكا ومعنى وتوجيها وموضوعا على ما يبدو عند إنعام النظر . ولا تفهم أي حكمة لوضعها لو كانت مدنية في هذا السياق .

وقد روى بعض المفسرين{[1630]} أن بعض المشركين سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك السؤال بإيعاز من اليهود . وقد يكون هذا صحيحا لأن من المشركين من كان يحاول إفحام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومحاجته في ما يتخيله من تناقض في ما يتلوه من الفصول القرآنية . وقد كان في مكة والمدينة يهود كثيرون ، ولا يبعد أن يكون بعضهم وسوس لبعض المشركين بإلقاء ذلك السؤال بقصد التعجيز والإفحام وإظهار التناقض أيضا .

غير أن الذي نرجحه أن الآيات لم تنزل لحدتها منفصلة عن ما سبقها ولحق بها ، والصلة الوثيقة بين ما سبقها ولحق بها بارزة .

وكل ما يحتمل أنها احتوت ردا على ما أورده ، أو احتج به بعض المشركين أو بعض الكتابيين في موقف من المواقف .


[1630]:انظر تفسير الآيات في تفسير البغوي.