فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (29)

{ ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } ألم تر رؤيا بصيرية علمية ؟ ! والخطاب لكل من يتأتى منه الإدراك- ألم تعلم أن الله المدبر المهيمن يدخل الليل في النهار ) . . يغشي الليل النهار . . ( {[3467]} أو ينقص من هذا فيزيد في ذاك ، ويدخل النهار في الليل ؟ ! يزيد من نقصان ساعات الليل في ساعات النهار . . ، يزيد ما نقص من ساعات النهار في ساعات الليل-{[3468]} وهذا الإيلاج إنما هو في هذا العالم ليس عند ربك صباح ولا مساء ، وقدم الشمس على القمر في قوله تعالى : { وسخر الشمس والقمر } مع تقديم الليل الذي فيه سلطان القمر على النهار الذي فيه سلطان الشمس لأنها كالمبدإ للقمر ولأن تسخيرها لغاية أعظم من تسخير القمر ، وأيضا آثار ذلك التسخير أعظم من آثار تسخيره ] ، وتسخيرهما : تذليلهما وإلزامهما السنن المراد منفعة للعباد ، { كل يجري إلى أجل مسمى } كل ذلك يجري إلى وقت علمه الله تعالى ، حين ينقضي أمد حياة هذا الكون ، { وأن الله بما تعملون بصير } واستيقنوا أن أعمالكم يراها الله ، فأروا الخبير البصير من أنفسكم خيرا ، واحذروا أن يراكم حيث نهاكم ، فإنه مجازيكم بما كنتم تعملون ، يقول صاحب جامع البيان : وخرج هذا الكلام خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى به المشركون ، وذلك أنه تعالى ذكره نبه بقوله أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل على موضع حجته من جهل عظمته ، وأشرك في عبادته معه غيره ، يدل على ذلك قوله : { ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل }


[3467]:سورة الأعراف. من الآية 54.
[3468]:ما بين العارضتين أورده الطبري.