تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (29)

الآية 29 وقوله تعالى : { ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر } يذكرهم قدرته وسلطانه وعلمه وتدبيره ، وفيه دلالة البعث .

أما قدرته [ فهي ]( {[16295]} ) لما أدخل الليل [ في النهار ]( {[16296]} ) والنهار في الليل ، ثم حفظهما على حد واحد وعلى ميزان واحد على غير تفاوت يقع في ذلك ولا يتغير . فمن قدر على ذلك لا يعجزه شيء ، ولا يخفى عليه شيء .

وكذلك ما ذكر من تسخير الشمس والقمر وما يقطعان في يوم واحد وليلة واحدة مسيرة خمس مئة عام ما لا يتصور ذلك في أوهام الخلق ، ولا في تقديرهم قطع ذلك المقدار من السير في مثل تلك المدة .

ودل إنشاء أحدهما وإحداثه بعد ما ذهب الآخر برمته وكليته حتى لا يبقى له أثر على أنه قادر على الإحياء بعد الموت ، وبعدما ذهب أثره .

ففي ذلك دلائل من وجوه :

أحدها : دلالة قدرته حين( {[16297]} ) أدخل أحدهما في الآخر ، وحفظهما كذلك على حد واحد وتقدير واحد على غير تغيير وتفاوت يقع في ذلك .

دل ذلك على قدرته وعلمه وتدبيره . ودل إنشاء كل واحد منهما بعد ما ذهب الآخر إلى القدرة على البعث . و

وقوله تعالى : { كل يجري إلى أجل مسمى } إلى الوقت الذي جعل له ، لا يتقدم ، ولا يتأخر { وأن الله بما تعملون خبير } ظاهرا وباطنا . هذا وعيد ليكونوا أبدا خائفين حذرين متيقظين ، والله أعلم .


[16295]:ساقطة من الأصل وم.
[16296]:ساقطة من الأصل وم.
[16297]:في الأصل وم: حيث.