التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

تعليق على آية

{ ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها }

وقد توهم الآية الثانية أن الله قد حتم على أهل النار من الأزل أن يحرموا من التوفيق والهدى ليملأ بهم النار . وذكر هذا بعض المفسرين والكلاميين في صدد القضاء والقدر{[1638]} . ولكن الآية الثالثة التي تنسب الكفر والنسيان لأصحابه وتجعل النار جزءا عادلا لهم من شأنها أن تزيل الوهم وتجعل الكلام على التحتيم في غير محله هنا وتسوغ القول : إن الآية في صدد بيان كون حكمة الله اقتضت أن يترك الناس إلى اختيارهم الذي أودعه فيهم بعد أن بين لهم طريق الهدى والضلال حتى تمتلئ جهنم بأهلها عن بينة وعدل والجنة بأهلها عن بينة وعدل وأن لا يجبر الناس على الهدى إجبارا . ولعل في الآيات التالية ما يؤيد هذا التوجيه الذي أكدته آيات كثيرة سبق تفسيرها والتعليق عليها والذي هو المتسق مع حكمة إرسال الرسل ودعوة الناس وترتيب الجزاء الأخروي حسب أعمال الناس في الدنيا .


[1638]:انظر تفسير الآية في الكشاف المذيل بتعليقات ابن المنير، وانظر تفسيرها في تفسير النسفي.