فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

{ وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } هذا ردّ عليهم لما طلبوا الرجعة ، أي لو شئنا لآتينا كلّ نفس هداها فهدينا الناس جميعاً فلم يكفر منهم أحد . قال النحاس : في معنى هذا قولان : أحدهما : أنه في الدنيا ، والآخر أنه في الآخرة ، أي ولو شئنا لرددناهم إلى الدنيا { ولكن حَقَّ القول مِنْي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ } وجملة { ولو شئنا } مقدّرة بقول معطوف على المقدّر قبل قوله { أبصرنا } أي ونقول لو شئنا ، ومعنى { ولكن حَقَّ القول مِنْي } أي نفذ قضائي وقدري وسبقت كلمتي { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ } هذا هو القول الذي وجب من الله وحقّ على عباده ونفذ فيه قضاؤه ، فكان مقتضى هذا القول أنه لا يعطي كلّ نفس هداها ، وإنما قضى عليهم بهذا ؛ لأنه سبحانه قد علم أنهم من أهل الشقاوة ، وأنهم ممن يختار الضلالة على الهدى .