{ وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } مقدر بقولٍ معطوفٍ على ما قُدِّر قبل قولِه تعالى : { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا } الخ ، أي ونقولُ : لو شئنا أي لو تعلقتْ مشيئتُنا تعلقاً فعلياً بأنْ نُعطي كلَّ نفسٍ من النُّفوسِ البرَّةِ والفاجرةِ ما تهتدي به إلى الإيمانِ والعملِ الصالحِ لأعطيناها إيَّاه في الدُّنيا التي هي دارُ الكسبِ وما أخَّرناه إلى دارِ الجزاءِ { ولكن حَقَّ القول مِنْي } أي سبقت كلمتي حيثُ قلتُ لإبليسَ عند قوله : { لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين فالحق والحق أَقُولُ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ سورة ص ، الآيات82 ، 85 ] وهو المعنيُّ بقولِه تعالى { لأمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ } كما يلوحُ به تقديم الجِنَّة على النَّاسِ فبموجبِ ذلكَ القولِ لم نشأْ إعطاءَ الهُدى على العمومِ بل معناهُ من أتباعِ إبليسَ الذين أنتُم من جُملتِهم حيثُ صَرفتُم اختيارَكم إلى الغيِّ بإغوائِه ، ومشيئتُنا لأفعال العباد منوطةٌ باختيارِهم إيَّاها فلمَّا لم تختارُوا الهُدى واخترتُم الضَّلالةَ لم نشأْ إعطاءَه لكم وإنَّما أعطيناه الذين اختارُوه من النُّفوسِ البرَّةِ وهم المعنيّون بما سيأتي من قوله تعالى : { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بآياتنا } [ سورة السجدة ، الآية15 ] الآيةَ ، فيكونُ مناطُ عدمِ مشيئتِه إعطاءَ الهُدى في الحقيقةِ سوءَ اختيارِهم لا تحققَ القولِ وإنَّما قيدنا المشيئةَ بما مرَّ من التعلُّقِ الفعليِّ بأفعالِ العبادِ عند حدوثِها لأنَّ المشيئةَ الأزليةَ من حيثُ تعلُّقها بما سيكونُ من أفعالِهم إجمالاً متقدِّمةٌ على تحققِ كلمةِ العذابِ فلا يكونُ عدمُها منوطاً بتحققِها وإنَّما مناطُه علمُه تعالى أزلاً بصرفِ اختيارِهم فيما سيأتي إلى الغيِّ وإيثارِهم له على الهدى ، فلو أُريدت هي من تلك الحيثيةِ لاستدرك بعدمِها ونيطَ ذلك بما ذُكر من المناطِ على منهاجِ قولِه تعالى : { وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ } [ سورة الأنفال ، الآية23 ] فمن توهَّم أنَّ المَعنى ولو شئنا لأعطينا كلَّ نفسٍ ما عندنا من اللُّطفِ الذي لو كان منهم اختيارُه لاهتدَوا ولكن لم نُعطهم لمّا علمنا منهم اختيارَ الكفر وإيثارَه فقد اشتبه عليه الشؤونُ
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.