الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

ثم قال تعالى : { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } أي : رشدها وتوفيقها إلى الإيمان ، وهذا مثل قوله : { لهدى الناس جميعا } {[55098]} و{ لجعل الناس أمة واحدة } {[55099]} .

{ ولكن حق القول مني } أي : وجب العذاب مني .

{ لأملأن جهنم من الجنة والناس } يعني : من أهل الكفر والمعاصي .

وروى ابن وهب وابن القاسم {[55100]} عن مالك أنه قال : سألني رجل أمس عن القدر ؟ فقلت له : نعم قال الله عز وجل {[55101]} في كتابه { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } إلى ( قوله ) {[55102]} : { أجمعين } {[55103]} حقت كلمة ربك لأملأن {[55104]} جهنم منهم ، فلا بد أن يكون ما قال :

قال قتادة : لو شاء الله لهدى الناس جميعا ، لو شاء لأنزل عليهم آية من السماء تضطرهم إلى الإيمان {[55105]} . فالمعنى : لو شئنا لأعطينا كل إنسان توفيقا يهتدي إلى الإيمان في الدنيا .

وقيل المعنى : لوشئنا لرددناهم إلى الدنيا كما سألوا فيعلموا بالطاعة . ولكن حق القول مني لأعذبن من عصاني . وقد علم الله أنهم لو ردوا لعادوا إلى كفرهم كما قال في " الأنعام " {[55106]} .


[55098]:الرعد آية 32
[55099]:هود آية 118
[55100]:هو عبد الرحمن بن القاسم العتقي المصري، أبو عبد الله، ويعرف بابن القاسم تفقه بالإمام مالك ونظرائه، وهو صاحب المدونة. توفي سنة 191هـ انظر: وفيات الأعيان 3/129 (362) والديباج المذهب 146، وشجرة النور الزكية 58، 24
[55101]:في ج "عز وجل" تقديم وتأخير
[55102]:ساقط من ج
[55103]:انظر: البيان والتحصيل 17/503
[55104]:ج "لتملأن"
[55105]:انظر: جامع البيان 21/98، والدر المنثور 6/544
[55106]:الآية 29، حيث قال تعالى : {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون}