النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

قوله تعالى : { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍٍ هُدَاهَا } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : هدايتها للإيمان .

الثاني : للجنة .

الثالث : هدايتها في الرجوع إلى الدنيا لأنهم سألوا الرجعة ليؤمنوا .

{ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَولُ مِنِّي } فيه وجهان :

أحدهما : معناه سبق القول مني ، قاله الكلبي ويحيى بن سلام .

الثاني : وجب القول مني ، قاله السدي كما قال كثير :

فإن تكن العتبى فأهلاً ومَرْحباً *** وحقت لها العتبى لدنيا وقلّت

{ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِن الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } يعني من عصاه من الجنة والناس . وفي الجنة قولان :

أحدهما : أنه الجن ، قاله ابن كامل .

الثاني : أنهم الملائكة ، رواه السدي عن عكرمة . وهذا التأويل معلول لأن الملائكة لا يعصون الله فيعذبون . وسموا جنة لاجتنانهم عن الأبصار ومنه قول زيد بن عمرو :

عزلت الجن والجنان عني *** كذلك يفعل الجلد الصبور