محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَأٓتَيۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّي لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِينَ} (13)

{ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا } أي تقواها { وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي } أي في القضاء السابق { لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } أي سبق القول حيث قلت لإبليس ، عند قوله {[6107]} : { لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين } {[6108]} { فالحق والحق أقول * لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } أي فبموجب ذلك القول لم نشأ إعطاء الهدى على العموم . بل منعناه من أتباع إبليس الذين هؤلاء من جملتهم حيث صرفوا اختيارهم إلى الغي والفساد . ومشيئته تعالى لأفعال العباد منوطة باختيارهم إياها . فلما لم يختاروا الهدى ، واختاروا الضلالة ، لم يشأ إعطاءه لهم . وإنما آتاه الذين اختاروه من النفوس البرة ، وهم المعنيون بما سيأتي من قوله تعالى {[6109]} : { إنما يؤمن بآياتنا } الآية . فيكون مناط عدم مشيئة إعطاء الهدى ، في الحقيقة ، سوء اختيارهم ، لا تحقق القول . أفاده أبو السعود .


[6107]:(15 الحجر 39 و40).
[6108]:(38 ص 84 و85).
[6109]:(32 السجدة 15).