التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِينَ} (29)

{ فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ( 27 ) ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ( 28 ) وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ( 29 ) } [ 27 – 29 ] .

جاءت هذه الآيات معقبة على الآية السابقة التي حكت موقف الكفار من القرآن متوعدة إياهم بأشد العذاب والخلود في النار جزاء كفرهم وجحودهم .

وفي الآية الأخيرة حكاية لطلبهم حينما يرون تحقيق وعيد الله فيهم بأن يمكنهم الله من الذين أضلوهم من الجن والإنس حتى يجعلوهم تحت أقدامهم في النار انتقاما منهم ؛ لأنهم كانوا سبب المصير الرهيب الذي صاروا إليه .

والمتبادر أن الآية الأخيرة بالإضافة إلى ما انطوى فيها من حقيقة العذاب الأخروي الإيمانية هي بسبيل وصف شعور الندم والحسرة الذي سينتاب الكفار ، وأنها استهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب فيهم وحملهم على الارعواء بل وإثارة نقمة جمهورهم على زعمائهم الذين يمنعونهم من الإسلام ؛ لأن الكلام المحكي في الآية هو بلسان الجمهور أكثر منه بلسان الزعماء .

ولقد روى المفسرون عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتابعيهم أن المقصود من { الذين أضلانا من الجن والإنس } إبليس من الجن وقابيل قاتل أخيه هابيل ولدي آدم من الإنس لأنهما أصل الضلال والجريمة . ويتبادر لنا أن العبارة القرآنية أشمل من ذلك تتناول كل فعل موسوس وقرين شر وسوء من إنس وجن . والزعماء يأتون في الطليعة بالإضافة إلى كونها صورة عن حكاية الحسرة والندم اللذين يشعر بهما ويعبر عنهما الكفار تحقيقا للهدف الذي نوهنا به آنفا . والله أعلم .