اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا ٱلَّذَيۡنِ أَضَلَّانَا مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ نَجۡعَلۡهُمَا تَحۡتَ أَقۡدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ ٱلۡأَسۡفَلِينَ} (29)

قوله : { وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا الذين أَضَلاَّنَا . . . } الآية تقدم الخلاف في «أَرِنَا »{[48799]} وفي نون الَّلذين وقال الخليل : إذا قلت : أرني ثوبك فمعناه بصِّرنيهِ ، وبالسكون أعطنيه{[48800]} .

فصل

لما بين أن الذي حملهم على الكفر الموجب للعقاب الشديد مجالسة قرناء السوء بيَّن أن الكفار ( عند الوقوع{[48801]} في العذاب الشديد ) في النار يقولون : { رَبَّنَآ أَرِنَا الذين أَضَلاَّنَا مِنَ الجن والإنس } ومعناه أن الشيطان على نوعين جنِّي وإنْسِيٍّ .

قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإنس والجن } [ الأنعام : 112 ] وقال : { الذى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ الناس مِنَ الجنة والناس } [ الناس : 5-6 ] وقيل{[48802]} : هما إبليس وقابيل بن آدم الذي قتل أخاه ؛ لأن الكفر سنة إبليس والقتل بغير حق سنة قابيل فهما سنا المعصية{[48803]} . { نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا } في النار { لِيَكُونَا مِنَ الأسفلين } قال مقاتل : يكونون أسفل منا في النار{[48804]} . وقال الزجاج : ليكونا في الدرك الأسفل{[48805]} . وقال بعض الحكماء : المراد باللَّذَيْنَ يُضِلاَّن الشهوة والغضب{[48806]} والمراد بجعلهما تحت أقدامهم كونهما مسخَّرين للنفس مطيعين لها ، وأن لا يكونا مستوليين{[48807]} عليها قاهرين لها .


[48799]:{وأرنا مناسكنا وتب علينا} [البقرة: 128] فقرأ ابن كثير في البقرة وفي فصلت بإسكان الراء وقرأ نافع وحمزة وعاصم والكسائي بكسر الراء وانظر السبعة لابن مجاهد 170 واللباب 1/240 ب ميكروفيلم.
[48800]:نقله صاحب الكشاف 2/452 و453 والبحر المحيط 7/495.
[48801]:زيادة من الرازي لتوضيح السياق الذي نقل منه أصلا.
[48802]:وروي عن ابن عباس رضي الله عنه القرطبي 15/357.
[48803]:انظر الرازي 27/120 والبغوي 6/110.
[48804]:الرازي السابق.
[48805]:معاني القرآن وإعرابه 4/385.
[48806]:نقله الرازي عن بعض تلامذته المرجع السابق للرازي.
[48807]:السابق أيضا.