1 طباقا : قيل إنها بمعنى طبقات بعضها فوق بعض . وقيل : إنها بمعنى متطابقة أي متشابهة أو متساوقة في الإتقان والنظام والانتظام .
2 ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت : لا ترى فيما خلق الله عدم التناسب وعدم انسجام .
3 فطور : صدوع أو شقوق أو خلل .
{ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ( 1 ) الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ( 2 ) الذي خلق سبع سماوات طباقا1 ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت2 فارجع البصر هل ترى من فطور3 ( 3 ) ثم ارجع البصر كرتين ينقلب البصر إليك خاسئا4 وهو حسير5 ( 4 ) } [ 1-4 ] .
بدأت السورة بالثناء على الله ، وهذا من أساليب النظم القرآني في مطالع سور عديدة ، وقد أعقب الثناء تنويه بمطلق تصرف الله عز وجل والإشارة إلى حكمته في خلق الناس وموتهم وبعثهم .
فلله التقديس والثناء ، وهو الذي بيده ملك كل شيء المتصرف في هذا الكون تصرفا مطلقا ، القادر على كل شيء قدرة شاملة تامة . وهو الذي بيده الموت والحياة والقادر عليهما . وقد جعل ذلك وسيلة لاختبار الجنس البشري حتى يظهر الأحسن منهم عملا ، على غير حاجة وضعف لأنه قوي عزيز ، لا يدانيه في قوته أحد وليس هو في حاجة إلى أحد ، والمتصف مع ذلك بالغفران والصفح والتسامح .
وهو الذي خلق السماوات السبع بإتقان وانتظام وتطابق ، لا يمكن أن يرى الناظر إليها أي تفاوت أو تناقص أو صدوع أو شقوق أو خلل ، مهما دقق في النظر وعاود التدقيق مرة بعد مرة ، وأجال النظر في جميع الأنحاء ، ولن يلبث أن يرتد نظره ذليلا مذهولا حائرا كليلا مما يرى من العظمة ورائع الصنع والإتقان ، مستشعرا بعجزه عن درك الأسرار الربانية والإحاطة بها مستبينا ضآلة شأنه إزاءها .
وأسلوب الآيات تقريري قوي موجه إلى عقول السامعين وقلوبهم .
وهي مقدمة لما يأتي بعدها من التنديد بالكفر وإنذار للكافرين . والسؤال والتحدي في الآيتين الأخيرتين يزيدان في قوة الصورة العظيمة التي رسمتها الآيات الأولى لمشاهد كون الله ، وفي تصوير شعور المرء بها وهو الشعور الدائم العام الذي لا يستطيع أحد أن يتفلت منه حينما يرسل ببصره إلى السماوات ، ويتفكر في عظيم الإبداع والإتقان والسعة التي لا يحصيها ذهن ولا يحيط بها بصر .
وواضح من أسلوبها أنها موجهة إلى جميع الأذهان استهدافا للتنبيه والاسترعاء والتذكير بعظمة الكون وخالقه وواجب الناس إزاءه ، ومن الواجب أن تبقى في هذا النطاق ؛ لأن في إخراجها منه ابتعادا عن الهدف القرآني .
ولقد صرف بعض المفسرين عبارة الموت إلى العدم الذي يسبق الحياة ، وعبارة الحياة إلى الحياة الدنيا . والذي تلهمه الآية الثانية هو قصد بيان حكمة الله في خلق الناس وإماتتهم وإحيائهم ثانية وهو واختبارهم في الدنيا ومعرفة صالحهم من طالحهم ؛ لتوفيتهم جزاء أعمالهم في الحياة الأخروية بعد الموت . وفيه ما فيه من تلقين جليل مستمر المدى في كون الناس مدعوين إلى العمل الصالح والتسابق فيه ، وكون حكمة خلقهم أو تميزهم عن سائر خلق الله متصلة بذلك . وقد تكرر هذا أكثر من مرة في السور السابقة ، وكتبنا تعليقا على مداه في سياق سورة هود ، فنكتفي بهذا التنبيه .
ولقد روى البغوي عن كعب الأحبار في وصف السماوات السبع : أن الأولى موج مكفوف والثانية من درة بيضاء والثالثة حديد والرابعة صفر أو نحاس والخامسة فضة والسادسة ذهب والسابعة ياقوتة حمراء ، ومن السماء السابعة إلى الحجب السبعة صحارى من نور . والتحفظ في مثل هذه الأحاديث أولى كسائر ما يورد على هامش ما يرد في القرآن من مشاهد الكون إذا لم يكن مستندا إلى أثر نبوي وثيق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.