جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةٗ وَأَمۡوَٰلٗا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَۖ رَبَّنَا ٱطۡمِسۡ عَلَىٰٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ وَٱشۡدُدۡ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (88)

{ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً } من اللباس والمراكب ، { وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا } تكرير وأكيد للأول ، { لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } واللام لام العلة فليس بمحال أن الله يريد إضلال بعض ، وهذا الكلام من موسى ؛ لأنه علم بمشاهدة أحوالهم أن أموالهم سبب ضلالهم أو إضلالهم و لا حاجة إلى أن يقال اللام لام العاقبة أو لام الدعاء كقولك : ليغفر الله فهو دعاء بصيغة الأمر ، { رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ } : أهلكه { واشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ } أقسما وأطبع عليها حتى لا تنشرح للإيمان ، { فَلاَ يُؤْمِنُواْ } جواب الدعاء وقيل : عطف على ليضلوا وقيل : دعا بلفظ النهي ، { حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ } وهذه الدعوة من موسى – عليه السلام - غضبا لله ولدينه{[2220]} لقوم تبين له أنه لا خير {[2221]} فيهم كما تقول : لعن الله إبليس كما دعا نوح عليه السلام ، " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " ( نوح : 26 ) .


[2220]:والرضاء بالكفر من حيث إنه كفر كفر وأما الرضى بكفر شخص معين لعقوبته فجائز، قال بعض العلماء: الرضى بكفر نفسه كفر لا بكفر غيره / 12 وجيز.
[2221]:ولما بالغ موسى في إظهار المعجزات وإقامة الحجج و البينات ولم يكن لذلك تأثير فيمن أرسل إليهم دعا عليهم بعد أن بين سبب إصرارهم على الكفر وتمسكهم بالجحود والعناد قال موسى مبينا سبب أولا: "ربنا" الآية / فتح.