الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةٗ وَأَمۡوَٰلٗا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَۖ رَبَّنَا ٱطۡمِسۡ عَلَىٰٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ وَٱشۡدُدۡ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (88)

ثم قال تعالى حكاية عن {[31495]} قول موسى أنه قال : { ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة }[ 88 ] ، { ربنا ليضلوا عن سبيلك }[ 88 ] : المعنى : إنه لما آل أمرهم إلى هذا كان كأنه إنما أتاهم ذلك للضلال {[31496]} . وأصل {[31497]} هذا اللام لام كي {[31498]} ، وقيل هي لام العاقبة {[31499]} .

وقيل : هي لام الفاء {[31500]} ، أي : فكان لهم ذلك ، لأنه قد تقدم {[31501]} في علمه تعالى ذلك .

وقيل : المعنى : لئلا يضلوا وحذفت {[31502]} ( لا ) كما قال : { يبين الله لكم أن تظلوا } {[31503]} {[31504]} . وهذا {[31505]} القول لا يحسن {[31506]} ، لأن العرب لا تحذف لا {[31507]} إلا مع ( أن ) {[31508]} . ومعنى الآية : أن موسى {[31509]} قال : يا رب إنك أعطيت فرعون ، وعظماء قومه ، وأشرافهم ( زينة ) : يعني من متاع الدنيا وأثاثها ( وأموالا ) يعني من الذهب والفضة {[31510]} {[31511]} .

{ ربنا ليضلوا عن سبيلك }[ 88 ] ، أي : أعطيتهم {[31512]} ذلك ليضلوا ، {[31513]} ثم دعا عليهم موسى ، فقال : { ربنا اطمس على أموالهم }[ 88 ] ، أي : اذهبها {[31514]} ، وغيرها ، واجعلها حجارة .

قال مجاهد : ( اجعل {[31515]} سكرهم حجارة ) {[31516]} .

قال قتادة : جعل زرعهم حجارة {[31517]} .

قال مقاتل {[31518]} : جعلت دنانيرهم ، ودراهيمهم حجارة منقوشة ، كهيئتها على ألوانها {[31519]} ، لتذوب ، ولا تلين ، فجعل الله سكرهم حجارة .

قال قتادة : تحول زرعهم ، وكذلك قال الضحاك {[31520]} .

وقال ابن عباس : ( اطمس عليها : أي : دمرها ، وأهلكها {[31521]} . وكذلك {[31522]} قال مجاهد .

واشدد {[31523]} على قلوبهم {[31524]} : أي : حتى لا تنشرح للإيمان ، فلا تؤمن {[31525]} .

وقال مجاهد : اشدد عليها بالضلالة {[31526]} .

قال ابن عباس : استجاب الله عز وجل من موسى {[31527]} ، فحال بين فرعون وملأه ، وبين الإيمان حتى أدركه الغرق ، فلم ينفعه الإيمان {[31528]} .

والعذاب الأليم في هذه الآية : الغرق .

قوله : { فلا يومنوا } قال المبرد : موضعه موضع نصب ، وليس بدعاء . وهو معطوف على ( ليضلوا ) وهو قول الزجاج {[31529]} .

وقال الكسائي ، وأبو عبيدة : هو دعاء في موضع جزم {[31530]} .

وقال الأخفش ، والفراء : هو جواب الدعاء في موضع نصب {[31531]} ، مثل : إلى سليمان فنستريحا {[31532]} – البيت - {[31533]} .


[31495]:ق: من.
[31496]:ط: لضلال.
[31497]:ط: مطموس.
[31498]:انظر هذا التوجيه في: معاني الفراء 1/447، وإعراب النحاس 2/266، وفيه: أنه قول الخليل، وسيبويه، وانظر جامع البيان 15/178، والمحرر 9/83.
[31499]:انظر هذا التوجيه في: إعراب النحاس 2/266، وهو مثل قوله تعالى {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} [القصص: 7]، وانظر المحرر 9/83.
[31500]:ق: ألف.
[31501]:ق: قدم.
[31502]:ق: ولحذفت.
[31503]:النساء: 175.
[31504]:انظر هذا التوجيه في: إعراب النحاس 2/266، والجامع 8/239.
[31505]:ق: وهو.
[31506]:ق: لأبي سن.
[31507]:ساقط من ق.
[31508]:وهو قول النحاس في إعرابه 2/226.
[31509]:ط: صم.
[31510]:ساقطة من ط.
[31511]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 15/177.
[31512]:ط: مطموس.
[31513]:ساقطة من ط.
[31514]:انظر هذا التوجيه في: مجاز القرآن 1/281.
[31515]:ق: جعل.
[31516]:انظر هذا التفسير عند مجاهد في: تفسيره 383، وعزاه الطبري، والنحاس إلى محمد بن كعب القرظي. انظر: جامع البيان 15/179-180، والقطع 380، وزاد نسبته في المحرر 9/84 إلى قتادة، وابن زيد.
[31517]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/180، والمحرر 9/84.
[31518]:هو أبو الحسن بن سليمان، تابعي، محدث، ومفسر، ولكنه متروك الحديث (ت:150هـ) انظر: الغاية 1/188، وبغية الوعاة 2/231.
[31519]:ق: ألوارها.
[31520]:انظر هذين القولين في: جامع البيان 15/180-181.
[31521]:انظر هذا القول في: غريب القرآن 198، وجامع البيان 15/181.
[31522]:ق: وكذا.
[31523]:ساقط من ق.
[31524]:ط: أي: اشدد عليها بالضلالة.
[31525]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/181.
[31526]:انظر هذا القول في: تفسير مجاهد 383، وجامع البيان 15/182، وعزاه أيضا في المحرر 9/84: إلى الضحاك.
[31527]:ط: صم.
[31528]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/181.
[31529]:انظر: معاني الزجاج 3/31.
[31530]:انظر: مجاز القرآن 1/281، وجامع البيان 15/183، والمحرر 9/85.
[31531]:انظر هذا التوجيه في: معاني الفراء 1/477-478، ومعاني الأخفش 2/573، وجامع البيان 15/184، وإعراب النحاس 2/266.
[31532]:ق: فتستريحا.
[31533]:هو عجز بيت شعري منسوب لأبي النجم العجلي، وصدره: يا ناق سيري عنقا فسيحا. انظر: الكتاب 3/35، وشرح الشواهد للشنتمري 1/421، وقد ورد غير منسوب في: معاني الفراء 1/477-478، وفي جامع البيان 15/184، والقطع 381. وأصله: أرجوزة يمدح بها الشاعر الخليفة سليمان.