قوله تعالى : { لِيُضِلُّواْ } : في هذه اللامِ ثلاثةُ أوجه ، أحدها : أنها لامُ العلة ، والمعنى : أنك أتيتَهم ما أتيتهم على سبيل الاستدراج فكان الإِيتاءُ لهذه العلة . والثاني : أنها لام الصيرورة والعاقبة كقوله : { فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] . وقولِه :
2622 لِدُوا للموت وابنُوا للخراب *** . . . . . . . . . . . . . . . . .
2623 فللموتِ تَغْذو الوالداتُ سِخالَها *** كما لخرابِ الدُّوْرِ تُبْنَى المساكنُ
2624 وللمنايا تُرَبِّى كلُّ مُرْضِعَةٍ *** وللخرابِ يَجِدُّ الناسُ عِمْرانا
والثالث : أنها للدعاء عليهم بذلك ، كأنه قال : ليثبتوا على ما هم عليه من الضلال وليكونوا ضُلاَّلاً ، وإليه ذهب الحسن البصري وبدأ به الزمخشري . وقد استُبْعِد هذا التأويلُ بقراءة الكوفيين " ليُضِلُّوا " بضم الياء فإنه يَبْعُد أن يَدْعُوَ عليهم بأن يُضِلُّوا غيرهم ، وقرأ الباقون بفتحها ، وقرأ الشعبي بكسرها ، فوالى بين ثلاث كسَرات إحداها في ياء . وقرأ [ أبو ] الفضل الرياشي " أإنك أَتَيْتَ " على الاستفهام . وقال الجبائي : إنَّ " لا " مقدرةٌ بين اللام والفعل تقديره : لئلا يَضِلوا " ، ورأيُ البصريين في مثل هذا تقديرُ " كراهةَ " أي : كراهة أن يَضِلُّوا .
قوله : { فَلاَ يُؤْمِنُواْ } يحتمل النصبَ والجزم ، فالنصب من وجهين ، أحدُهما : عطفُه على " ليضلُّوا " . والثاني : نصبه على جواب الدعاء في قوله " اطمِسْ " . والجزم على أنَّ " لا " للدعاء كقولك : " لا تعذِّبْني يا رب " وهو قريبٌ من معنى " ليُضلوا " في كونِه دعاءً ، هذا في جانب شبه النهي ، وذلك في جانب شبه الأمر ، و " حتى يَرَوا " غايةٌ لنفي إيمانهم ، والأول قول الأخفش ، والثاني بدأ به الزمخشري ، والثالث قول الكسائي والفراء ، وأنشد قولَ الشاعر :
2625 فلا يَنْبَسِطْ من بين عينِك ما انْزَوَى *** ولا تَلْقَني إلا وأنفُكَ راغِمُ
وعلى القول بأنه معطوفٌ على " ليَضِلُّوا " يكون ما بينهما اعتراضاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.