معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةٗ وَأَمۡوَٰلٗا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَۖ رَبَّنَا ٱطۡمِسۡ عَلَىٰٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ وَٱشۡدُدۡ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (88)

وقوله : { رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }

ثم قال موسى ( ربنا ) فعلت ذلك بهم ( ليُضِلُّوا ) الناس ( عن سبيلك ) وتقرأ ( لَيضِلُّوا ) هم ( عن سبيلك ) وهذه لام كي .

ثم استأنف موسى بالدعاء عليهم فقال : { رَبَّنا اطْمِسْ على أَمْوَالِهِمْ } . يقول : غَيِّرها . فذُكر أنها صارت حجارة . وهو كقوله { من قبل أن نطمس وجوها } . يقول : نمسخها .

قوله : { وَاشْدُدْ على قُلُوبِهِمْ } . يقول : واختم عليها .

قوله : { فَلاَ يُؤْمِنُواْ } . كلّ ذلك دعاء ، كأنه قال اللهم { فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ } وإن شئت جعلت ( فلا يؤمنوا ) جوابا لمسئلة موسى عليه السلام إياه ؛ لأن المسئلة خرجت على لفظ الأمر ، فتجعل ( فلا يؤمنوا ) في موضع نصب على الجواب ، فيكون كقول الشاعر :

يا ناقَ سِيرِى عَنَقاً فسِيحا *** إلى سليمان فنستريحا

وليس الجواب يسهل في الدعاء لأنه ليس بشرط .