غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةٗ وَأَمۡوَٰلٗا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَۖ رَبَّنَا ٱطۡمِسۡ عَلَىٰٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ وَٱشۡدُدۡ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (88)

71

{ قال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً } فالزينة عبارة عن الصحة والجمال واللباس والدواب وأثاث البيت والأموال ما يزيد على ذلك من الصامت والناطق . عن ابن عباس كانت لهم من فسطاط مصر إلى أرض الحبشة جبال فيها معادن من ذهب وفضة . قالت الأشاعرة : اللام في قوله : { ليضلوا } لام التعليل كأن موسى عليه السلام قال : يا رب إنك أعطيتهم هذه الزينة والأموال لأجل أن يضلوا ، ففيه دلالة على أنه تعالى تسبب لضلالهم وأراد منهم ذلك وإلا لم يهيئ أسبابه . ثم شرع في الدعاء عليهم بالطمس على أموالهم . والطمس المحو أو المسخ كما مر في سورة النساء في قوله سبحانه : { من قبل أن نطمس وجوهاً } [ النساء : 47 ] وبالشد على قلوبهم ومعناه الاستيثاق والختم . وقالت المعتزلة : قوله { ليضلوا } دعاء بلفظ الأمر للغائب ، دعا عليهم بثلاثة أمور : بالضلال وبالطمس وبالشد . كأنه لما علم بالتجربة وطول الصحبة أن إيمانهم كالمحال أو علم ذلك بالوحي اشتد غضبه عليهم فدعا الله عليهم بما علم أنه لا يكون غيره قائلاً ليثبتوا على ما هم عليه من الضلال وليطبع الله على قلوبهم كما يقول الأب المشفق لولده إذا لم يقبل نصحه واستمر على غيه . سلمنا أن قوله : { ليضلوا } ليس دعاء عليهم لكن اللام فيه للعاقبة كقوله : «لدوا للموت » . سلمنا أن اللام للتعليل لكنهم جعلوا الله سبباً في الضلال فكأنهم أوتوها ليضلوا . ولم لا يجوز أن يكون «لا » مقدرة أي لئلا يضلوا كقوله : { يبين الله لكم أن تضلوا } [ النساء : 176 ] أي أن لا تضلوا ، أو يكون حرف الاستفهام مقدراً في آتيت على سبيل التعجب . أما قوله تعالى : { فلا يؤمنوا } فإما أن يكون معطوفاً على قوله : { ليضلوا } على التفاسير كلها وما بينهما اعتراض ، وإما أن يكون جواباً لقوله { واشدد } ويجوز أن يكون دعاء بلفظ النهي معطوفاً على { اشدد } .

/خ92