بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةٗ وَأَمۡوَٰلٗا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَۖ رَبَّنَا ٱطۡمِسۡ عَلَىٰٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ وَٱشۡدُدۡ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (88)

قوله تعالى { وَقَالَ موسى رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ } ، وذلك أن أهل مصر لما عُذِّبُوا بالطُّوفان والجراد والسنين ، قالوا : { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرجز قَالُواْ يا موسى ادع لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرجز لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بنى إسراءيل } [ الأعراف : 134 ] ، ثمّ نكثوا العهد ولم يؤمنوا ، فغضب موسى عليهم ، ودعا الله تعالى عليهم ، وقال : { رَبَّنَا إِنَّكَ ءاتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلاَهُ } يعني : الأشراف من قومه { زِينَةً وَأَمْوَالاً فِى الحياة الدنيا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ } يعني : أعطيتهم ليضلوا { عَن سَبِيلِكَ } عن دينك الإسلام . قرأ أهل الكوفة ، وعاصم ، وحمزة الكسائي : { لِيُضِلُّواْ } بضم الياء . يعني : ليُضلُّوا النّاس ويصرفونهم عن دينهم . وقرأ الباقون : { لِيُضِلُّواْ } بنصب الياء . يعني : يرجعون عن دينك ويمتنعون جملة واحدة عنه .

{ رَبَّنَا اطمس على أموالهم } يعني : غيِّر دراهمهم ودنانيرهم ، وذلك حين وعد فرعون بأن يؤمن ، ويرسل معه بني إسرائيل ، ثم نقض العهد ، فدعا عليهم موسى عليه السلام وروى معمر عن قتادة في قوله : { رَبَّنَا اطمس على أموالهم } قال : بلغنا أنَّ حروثاً لهم صارت حجارة . وعن السّدي أنه قال : صارت دراهمهم ودنانيرهم حجارة . وعن أبي العالية الرِّياحيّ أنه قال : صارت أموالهم حجارة وقال مجاهد ، في قوله تعالى : { رَبَّنَا اطمس على أموالهم } يعني : أهلكها . وقال القتبي في قوله : { واشدد على قلوبهم } أي اقسمها . ويقال : اطبع قلوبهم وأمتهم على الكفر ، فلا توفقهم للإيمان لكي لا يؤمنوا { فَلاَ يُؤْمِنُواْ حتى يَرَوُاْ العذاب الاليم } وهو الغرق .