وقوله تعالى : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً ) يحتمل قوله ( زينة ) من أنواع ما آتاهم من الأنزال والنبات كقوله : ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت )[ يونس : 24 ] ونحوه . ويحتمل الزينة التي كانوا يتزينون بها من المراكب والملبس وما يتحلون بها من أنواع الحلي وأموال كثيرة سوى ذلك .
وقوله تعالى : ( رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا ) قالت المعتزلة : تأويل قوله : ( رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ) أي آتاهم لئلا يضلوا الناس عن سبيله ، ولكن أضلوهم ، وقالوا : هذا كما يقال : لم يك هذا كذا [ لتفعل كذا ][ من م ، ساقطة من الأصل ] ، ولكن فعلت ، ونحوه من الكلام .
ولكن عندنا هو ما ذكرنا : هي[ في الأصل وم : هم ] الأموال ، وما ذكر : ( ليضلوا عن سبيلك ) لأنه إذا علم أنهم يضلون الناس عن سبيله ما آتاهم ليضلوا ، وهو كما ذكرنا في قوله : ( إنما نمل لهم ليزدادوا إثما )[ آل عمران : 178 ] وقوله : ( نسارع لهم في الخيرات )الآية[ المؤمنون : 56 ] وأمثاله كذا[ في الأصل وم : فكذا ] ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) يحتمل هذا وجهين :
أحدهما[ في الأصل وم : يحتمل ] : أي ( اطمس على أموالهم ) واجعل في قلوبهم قساوة وغلظة ، تنفر الأتباع ومن يقلد من أتباعهم[ أدرج بعدها في الأصل وم : وتقليدهم ] فيكون ذلك أهون علينا في استنقاذ الأتباع وأدعى إلى الإيمان ؛ أعني بالأتباع[ الباء ساقطة من الأصل وم ] من يقلدهم ، ويكون ذلك سببا لإبعادهم عن أتباعهم وتقليدهم إياهم ، هذا وجه .
والثاني : قوله : ( رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) أي اجعل ذلك آية تضطرهم إلى الإيمان ، فإنهم لم يؤمنوا بالآيات التي أرسلها عليهم من الطوفان والجراد وما ذكر من البلايا . فيكون قوله : ( فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ) هذا من طمس الأموال وقساوة القلوب وشدتها ، والله أعلم .
قال بعض أهل التأويل : ( واشدد على قلوبهم ) واطبعها ( فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ ) وهو الغرق ، عند ذلك يؤمنون . أما بهذه الآيات فلا يحتمل إذا كان عز وجل أخبر أنهم لا يؤمنون ، فيسع له هذا الدعاء . وأما من قبل أن يخبره بذلك فلا يسع له أن يدعو بهذا ، وهو إنما أرسله عليهم ليدعوهم إلى الإيمان .
والطمس : قال أبو عوسجة : هو الذهاب بها ، أي اذهب بها . قال القتبي : قوله : ( ربنا اطمس على أموالهم ) أي أهلكمها ، وهو من قولك : طمس الطريق ؛ إذا عفا ، ودرس . وقال غيره : الطمس هو المسخ ، وهو[ في الأصل وم : و ] كقوله : ( لطمسنا على أعينهم )[ يس : 66 ] أي مسخناهم ، وقال بعضهم : الطمس هو التغيير عن جوهرها . دعا موسى بهذا الدعاء بالأمر [ وهو ][ ساقطة من الأصل وم ] آيس من إيمانهم ، وهو كقول نوح : ( لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) ( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك )الآية[ نوح : 26و27 ] عند الإياس منهم . فعلى ذلك موسى ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.