جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمۡ هُودٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۖ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُفۡتَرُونَ} (50)

{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ } عطف على " نوحا " إلى قومه ، { هُودًا{[2286]} } عطف بيان ، { قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّه } وحده ، { مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } صفة تابعة لمحل الجار والمجرور ، { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } على الله .


[2286]:واعلم أنه تعالى حكى عن هود عليه السلام أنه دعا قومه إلى التوحيد فقال: "يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون" وفيه سؤال وهو أنه كيف دعاهم إلى عبادة الله تعالى قبل أن يقيم الدلالة على ثبوت الإله تعالى؟ قلنا: دلائل وجود الله تعالى ظاهرة وهي دلائل الآفاق والأنفس وكلما توجد في الدنيا طائفة ينكرون وجود الإله تعالى، ولذلك قال تعالى في صفة الكفار "ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله" (لقمان: 25)، قال مصنف هذا الكتاب محمد بن عمر الرازي رحمه الله وختم له بالحسنى: دخلت بلاد الهند فرأيت أولئك الكفار مطبقين على الاعتراف بوجود الإله وأكثر بلاد الترك أيضا كذلك إنما الشأن في عبادة الأوثان فإنها آفة عمت أكثر أطراف الأرض، وهكذا الأمر كان في الزمان القديم أعني زمان نوح وهود وصالح عليهم السلام فهؤلاء الأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم – كانوا يمنعون من عبادة الأصنام فكان قوله "اعبدوا الله" معناه لا تعبدوا غير الله هذا ما قاله الرازي في هذا المقام وبين في سورة يونس تحت قوله تعالى: "ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله" (يونس: 18) أن المشركين وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى، ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله تعالى/ 12 مفاتيح الغيب المعروف بالكبير للإمام محمد بن عمر الرازي.