قوله تعالى : { وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } القصَّةُ : معطوفان على قوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ } [ هود : 25 ] في عطف مرفوع على مرفوع ومجرور ، كقولك : ضرب زيدٌ عمراً ، وبكرٌ خالداً وليس من باب ما فُصِل فيه بين حرفِ العطفِ والمعطوفِ بالجارِّ والمجرور نحو : " ضَرَبْتُ زيداً ، وفي السُّوق عَمْراً " فيجيءُ الخلافُ المشهورُ .
وقيل : بل هو على إضمار فعلٍ ، أي : وأرْسَلْنَا هوداً ، وهذا أوفق لطولِ الفصلِ .
و " هوداً " بدلٌ أو عطفُ بيان لأخيهم .
وقرأ ابنُ{[18836]} محيصنٍ " يَا قَوْمُ " بضم الميم ، وهي لغةُ بعضهم يبنُون المضاف للياء على الضَّم كقوله تعالى : { قَالَ رَبِّ احكم } [ الأنبياء : 112 ] بضمِّ الياء ، ولا يجوز أن يكون غير مضافٍ للياءِ كما سيأتي في موضعه إن شاء الله .
وقوله : { مِّنْ إله غَيْرُهُ } تقدّم في الأعراف .
كان هود أخاهم في النسب لا في الدِّين ؛ لأنه كان من قبيلةِ عادٍ ، وهم قبيلةٌ من العربِ بناحية اليمنِ ، كما يقالُ للرَّجُلِ : يا أخا تميم ، ويا أخا سليمٍ ، والمرادُ رجلٌ منهم .
فإن قيل : إنَّه تعالى قال في ابن نُوح { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } [ هود : 46 ] فبيَّن أنَّ قرابة النَّسبِ لا تفيدُ إذا لم تَحْصُلْ قرابةُ الدِّين ، وههنا أثبت هذه الأخوة مع الاختلاف في الدِّين ، فما الفرقُ بينهما ؟ .
فالجوابُ : أنَّ المراد من هذا الكلام استمالة قوم محمدٍ صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ قومهُ كانُوا يستبعدُون في محمدٍ صلى الله عليه وسلم مع أنَّهُ واحدٌ من قبيلتهم أن يكون رسولاً إليهم من عند الله ، فذكر الله تعالى أنَّ هوداً كان واحداً من عاد ، وأنَّ صالحاً كان واحداً من ثمود ، لإزالة هذا الاستبعاد .
{ قَالَ يَا قَوْمِ اعبدوا الله } [ الأعراف : 65 ] وحدُوا الله ، ولا تعبدُوا غيرهُ .
فإن قيل : كيف دعاهم إلى عبادةِ قبل إقامةِ الدَّلالة على ثبوت الإله تعالى ؟ .
فالجواب : أنَّ دلائل ثُبوتِ وجود الله تعالى ظاهرة ، وهي دلائلُ الآفاق والأنفس ، وقلَّما تُوجد في الدنيا طائفة ينكرون وجود الإله ؛ ولذلك قال تبارك وتعالى في صفة الكفار : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ الله } [ لقمان : 25 ] .
ثم قال : " إنْ أنتُمْ " ما أنتم " إلاَّ مُفْتَرُونَ " كاذبُون في إشراككم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.